للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تجب زكاة الفطر على من أفطر رمضان بعذر؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل تجب زكاة الفطر على من أفطر كل شهر رمضان لسفر أو مرض؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

ذهب جماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن زكاة الفطر تجب على المسلم ولو لم يصم رمضان، ولم يخالف في ذلك غير سعيد بن المسيب والحسن البصري: فقد قالا: إن زكاة الفطر لا تجب إلا على من صام، والصحيح هو قول الجمهور، وذلك للأدلة الآتية:

١- عموم الحديث الذي هو أصلٌ في فرض زكاة الفطر.

فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ) رواه البخاري (١٥٠٣) ومسلم (٩٨٤) .

فقوله: "والصغير " يشمل الصغير الذي لا يستطيع الصيام.

٢- الغالب في تشريع الصدقات والزكوات هو النظر إلى مصلحة المسكين والفقير، وتحقيق التكافل الاجتماعي العام، وأظهر ما يكون ذلك في زكاة الفطر، حيث وجبت على الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى، ولم يشترط الشارع في وجوبها نصابا ولا حولا، ولذلك فإن وجوبها على من أفطر في رمضان لعذر أو لغير عذر يأتي ضمن السياق المقصود من تشريع هذه الزكاة.

٣- أما استدلال من استدل بقول ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود (١٦٠٩) .

فقالوا: (طهرة للصائم) يدل على عدم وجوب زكاة الفطر إلا على من صام، فقد أجاب عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٣/٣٦٩) فقال:

"وأجيب: بأن ذكر التطهير خرج على الغالب، كما أنها تجب على من لم يذنب: كمتحقق الصلاح، أو من أسلم قبل غروب الشمس بلحظة " انتهى.

ومعنى كلامه: أن الغالب أن زكاة الفطر شرعت لأنها تطهر الصائم، ولكن حصول هذا التطهير ليس شرطاً في وجوبها، ونظير ذلك: زكاة المال، فإنها قد شرعت لتطهير النفس أيضاً، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/١٠٣.

ومع ذلك فإنها تجبب في مال الصبي الصغير، وهو لا يحتاج إلى تطهير، لأنه لا يكتب عليه سيئة.

وأجاب الشيخ ابن جبرين بجواب آخر، فقال:

" إخراجها عن الأطفال وغير المكلفين والذين لم يصوموا لعذر من مرض أو سفر داخل في الحديث، وتكون طهرةً لأولياء غير المكلفين، وطهرةً لمن أفطر لعذر، على أنه سوف يصوم إذا زال عذره، فتكون طهرةً مقدَّمةً قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه " انتهى.

"فتاوى الزكاة" (زكاة الفطر/٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>