اعتقاد المسلمين في مصير الملاحدة يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس الإسلام كجزء من دراستي وأتساءل عن موقف الإسلام من الملحدين. هل يعتقد المسلمون أن مصير الملحدين إلى الجحيم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اهتمامك أيتها السائلة الكريمة بدراسة الإسلام أمر عظيم تُشكرين عليه وعلى الإنسان أن يبحث عن الحقّ أينما كان ويتبّعه ولو خالف آباءه وأجداده ودين بلده ومجتمعه لأنّ نجاة نفسه يوم القيامة من عذاب جهنم مقدّمة على كلّ شيء.
ومن الأمور المهمة لمن أراد أن يدرس دين الإسلام أن يرجع إلى مراجع الإسلام الأصيلة لمعرفة حقيقة هذا الدين كترجمة معاني القرآن الكريم ومعاني أحاديث رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وأن تكون الترجمة صحيحة سليمة. وأما دراسة الإسلام من مراجع وكتب كتبها غير المسلمين أو ممن لا يعلمون حقيقة الدين ولا مارسوه فهو أمر مناف لمنهج البحث العلمي والطريقة الصحيحة للتوصّل إلى الحقيقة.
وعودا إلى السؤال الذي أرسلت به وهو ما اعتقاد المسلمين في الموحدين من غير المسلمين؟ وهل سيكون مصيرهم النار يوم القيامة؟ فالجواب على ذلك بكلّ وضوح أنّ الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وأنعم عليهم بجميع النعم وأرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب وأخبرهم أنّ من وحّده وعبده وحده لا شريك له دخل الجنة ومن جحده أو أشرك به وعبد معه غيره أو اتخذ آلهة أخرى من دونه أو جعل له زوجة أو ولدا أو جعل الملائكة بناته أو اتبع غير شرعه الذي أنزله ليحكم بين الناس بالحقّ أو ترك دينه وأعرض عنه أنّه سيكون يوم القيامة في عذاب جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، وهذا عين العدل وهو ما يستحقّه هذا الذي ظلم ربّه وخالقه وموجده من العدم وصاحب النّعم.
وعبادة البشر لله وطاعتهم لأوامره واجتنابهم لنواهيه أمر أساس بل هو حقيقة العلاقة بين الخالق والمخلوق كما قال الله تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وكانت الرسل تبعث بأمر واحد يقولونه لأقوامهم وهو " اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ".
وهنا يمكن معرفة النقص العظيم الذي يحصل لمن اعتقد أنّ الله واحد لا شريك له ثمّ لم يعبده ولم يطع له أمرا بل عصاه وخالفه ولم يتبّع دينه ولا شرعه ولا وحيه ولا رسله الذين أرسلهم له ولأمثاله. فهل يستحقّ هذا دخول الجنة أم النار؟
فهذا الذي يقول أنا أعتقد أنّ هناك إلها واحدا خلق الكون ولكنني سأقف عند هذا الحدّ فلن أصلي له ولن أصوم ولن أحجّ ولن أؤدي زكاة مالي كما أمر ولن أقوم تجاهه بأيّ واجب وسأتّبع هواي وأفعل ما أشاء سواء كان مما أحلّه أو مما حرّمه فهل يمكن أن ينجو مثل هذا يوم القيامة؟
وقد بعث الله في كلّ أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، وكانت آخر الأمم هذه الأمة وآخر رسول هو محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى هذه البشرية وإلى العالم كافة ونسخ الله به سائر الشرائع السابقة وجعل دينه أكمل الأديان وأتمها وأفضلها وأعلاها وأوجب على كلّ أحد أن يدخل في هذا الدين وأخبر سبحانه وتعالى أنه " من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " وبناء على هذا يتبين - من زاوية أخرى - مصير الذي يقول أنا أؤمن بفكرة الإله الواحد ولكنني لا أريد أن أكون مسلما ولا أن أعتنق آخر الأديان ولا أن أتبّع آخر الرسل وخاتمهم.
وختاما فإنني أرجو أن تكون القضية قد اتضحت لك أيتها السائلة الكريمة، أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا إلى الحقّ ويرزقنا اتباعه إنه نعم المولى ونعم النصير.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد