للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيع الذهب في الموكيت والسجاد مع جهالة قدره

[السُّؤَالُ]

ـ[عندي مصنع مجوهرات ذهب وفي كل عام أقوم ببيع الموكيت والسجاد الموجود بالمصنع، لأن فيه كمية من الذهب لشخص بسعر نتفق عليه دون معرفة كمية الذهب، وأحيانا يربح الشاري وأحيانا يخسر، فهل هذا البيع يعتبر بيع غبن؟ وهل يجوز شرعا؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا يجوز بيع الذهب أو غيره إلا بعد العلم بكميته وأوصافه التي يختلف بها السعر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) رواه مسلم (١٥١٣) .

وبيع الغرر هو كل بيع فيه جهالة.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع , وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر مُنْحَصِرَة كَبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول، وَمَا لَا يَقْدِر عَلَى تَسْلِيمه، وَمَا لَمْ يَتِمّ مِلْك الْبَائِع عَلَيْهِ، وَبَيْع السَّمَك فِي الْمَاء الْكَثِير، وَاللَّبَن فِي الضَّرْع، وَبَيْع الْحَمْل فِي الْبَطْن، وَنَظَائِر ذَلِكَ , وَكُلّ هَذَا بَيْعه بَاطِل لِأَنَّهُ غَرَر مِنْ غَيْر حَاجَة. وَقَدْ يُحْتَمِل بَعْض الْغَرَر بَيْعًا إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَة كَالْجَهْلِ بِأَسَاسِ الدَّار، لِأَنَّ الْأَسَاس تَابِع لِلظَّاهِرِ مِنْ الدَّار , وَلِأَنَّ الْحَاجَة تَدْعُو إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِن رُؤْيَته. وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز أَشْيَاء فِيهَا غَرَر حَقِير , مِنْهَا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّة بَيْع الْجُبَّة الْمَحْشُوَّة وَإِنْ لَمْ يُرَ حَشْوهَا , وَلَوْ بِيعَ حَشْوهَا بِانْفِرَادِهِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز إِجَارَة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِكَ شَهْرًا مَعَ أَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز الشُّرْب مِنْ السِّقَاء بِالْعِوَضِ مَعَ جَهَالَة قَدْر الْمَشْرُوب وَاخْتِلَاف عَادَة الشَّارِبِينَ.

قَالَ الْعُلَمَاء: مَدَار الْبُطْلَان بِسَبَبِ الْغَرَر وَالصِّحَّة مَعَ وُجُوده عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ دَعَتْ حَاجَة إِلَى اِرْتِكَاب الْغَرَر وَلَا يُمْكِن الِاحْتِرَاز عَنْهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ وَكَانَ الْغَرَر حَقِيرًا جَازَ الْبَيْع وَإِلَّا فَلَا " انتهى باختصار.

فالغرر اليسير الذي لا يمكن الاحتراز عنه يعفى عنه، بخلاف الكثير.

والغرر في الصورة المسؤول عنها كثير، فلا يصح معه البيع.

وعليك في هذه الحالة أن تجتهد في تحديد كمية الذهب، بقدر المستطاع، ثم يتم البيع على ذلك، فإن حصلت جهالة مع ذلك وكانت يسيرة بحيث لا يكون المشتري قد دخل على سبيل المخاطرة، إما أن يربح وإما أن يخسر، فنرجو ألا يكون عليك حرج حينئذ.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>