تغضب أمه إذا سافر بزوجته دونها، فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص متزوج منذ أربع سنوات ومشكلتي مع زوجتي والوالدة في بداية الأمر عندما أخذ إجازة لمدة أسبوعين كانت زوجتي لا تقول شيء عندما أقول له سنصطحب معنا والدتي (كانت تقول أشيله في عيوني) مع العلم أن إجازتي محدودة بعد فترة طويلة أصبحت تقول أريد أن أخذ راحتي معك يا زوجي فسافرت أسبوع مع زوجتي والوالدة وسافرت الأسبوع الثاني مع زوجتي وتركت الوالدة مع العلم ليس أنا الوحيد لها يوجد لدي ثلاث أخوان فغضبت مني أمي كيف تسافر وتركنا محبوسين وذكرت الكلام لزوجتي فقالت أمك تقول لأختك عندما تسافرين لا تقولي لأحد من أهلك زوجك كي لا يذهبوا معك فتعجبت من كلام زوجتي فضنت منها ظن السوء أنها تحاول أن تتحجج إلي بأي طريقة حتى أني غضبت منها ولكن بعد فترة تأكدت من كلام زوجتي بنفسي في حديث دار بيني وبين والداتي وأختي.. فماذا أفعل؟؟ سؤالي: هل أنا أعتبر غير بار بأمي عندما اخذ أنا وزوجتي أسبوع بمفردنا؟؟ ومن حق أمي تعرف أين نذهب في هذا اليوم أو نخرج (مثل السوق نزهة مطعم) مع أننا في بيت مستقل بنا؟؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق معنا في أجوبة عديدة التأكيد على حق الوالدين، وخاصة الأم، وبيان أنه من الواجبات الشرعية المقررة المعلومة بالضرورة من دين الله.
وقد روى مسلم (٢٥٥١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ) قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ) .
والأحاديث في الباب كثيرة معلومة.
ثانيا:
إن تأكد حق الوالدة على ولدها: لا يعني أنه ليس للآخرين حقوق عليه، ولا يعني: أنه يهدر حقوق الآخرين، لأجل حق الوالدة.
وفي حديث سلمان المعروف مع أبي الدرداء: ( ... فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ) .
فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(صَدَقَ سَلْمَانُ) . رواه البخاري (١٩٦٨) .
فكما لأمك عليك حق أكيد عظيم، فكذلك لزوجتك عليك حق: فأعط كل ذي حق حقه.
وهذه الموازنة بين الحقوق تتطلب منك قدرا من الحكمة والتعقل عند معالجة أمورك؛ فأرض زوجك، ولا تغضب أمك. وبر أمك، ولا تجفُ أهلك. وهكذا فليكن أمرك معهما.
ثالثا:
ليس من الواجب عليك أن تعلم أمك بكل ما تحضره لزوجتك، أو تفعله معها من إحسان العشرة، والرفق بها، والإلطاف إليها. وليس واجبا عليك أن تخرج بأمك، أو تسافر بها، كلما فعلت ذلك مع زوجتك، وإنما الواجب عليك ألا توحش أمك، ولا توغر صدرها عليك؛ وهذا كما قلنا يحتاج إلى حكمة وحسن تقدير للموقف؛ فبإمكانك مثلا أن تجعل خروجك بأهلك في وقت تنشغل أمك فيه بغيرك من إخوانك، إما أنهم يأتون إليها، أو تذهب هي إليهم.
وبإمكانك أن تجلب لها ـ إذا علمت بسفرك ـ من الهدايا: ما يزيل وحشتها، أو يخففها.
وإذا أمكنك أن تتعاون أنت وإخوانك في هذا الأمر: لكان أرفق بالجميع؛ فيكون على كل واحد منكم أن يخرج بأمه مرة، أو يسافر بها مرة..، وهكذا سوف تجد نفسها تخرج، أو تسافر، أو تنال من اللطف والترويح، من مجموع أولادها، ما لا تناله زوجة كل واحد منهم.
فاجتهد في الموازنة في أداء الحقوق، والبر وحسن العشرة مع الجميع.
واستعن بدعاء ربك أن يوفقك في ذلك، وأن يصلح لك أمك وزجك ويعينك على الإحسان إليهما.
والله الموفق.
للاستزادة: راجع إجابة السؤال رقم: (٦٣٨٨) ، (٨٢٤٥٣) ، (١١٧٩٥٧) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب