الحكمة من إقامة الصلاة بكيفيتها المعروفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي تشكك واحد لا أجد له تفسيرا مناسبا ... لماذا نصلي بتلك الكيفية من تكبير وسجود وقيام؟ أفلا يكفي أن نجلس فنقرأ القرآن وندعو الله عوضا عن ذلك؟ فلماذا صيغ الأمر بتلك الكيفية وبهذا الشكل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اعلم – هداك الله – أن مبنى ديننا الحنيف على وجوب السمع والطاعة، وأن لا نقترح على الله، وكما أننا نثق بكلام الطبيب ولا نعارضه، بل نسمع ونطيع، وإذا قال: هذا الدواء بعد العشاء. لم نقل: لم لا يكون قبله؟
أو قال: سبع قطرات. لم نقل: لم لا تكون خمسا؟ وإنما نذعن لما يقول، ولو كان في ذلك ما نكره من مرارة الدواء أو غلاء ثمنه ونحو ذلك، وهو مع ذلك بشر لا يملك الشفاء، ويخطئ ويصيب، وقد يكون خطؤه أكثر من صوابه.
فالواجب علينا أن يكون تسليمنا للشرع أشد، فإنه تنزيل من حكيم حميد، عليم خبير، (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/٢٣.
إن الإيمان لا يثبت إلا بالتسليم المطلق لله ولرسوله، قال الله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/٦٥.
وقال تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/٥١.
وقال الله عز وجل: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة/٢٨٥.
قال السعدي:
" هذا التزام من المؤمنين، عام لجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة، وأنهم سمعوه سماع قبول وإذعان وانقياد " انتهى.
"تفسير السعدي" (ص ٩٦١) .
فمن تأمل هذه الآيات علم أن مبنى الدين على التسليم والخضوع والانقياد لله رب العالمين، وكيف لا يسلم له سبحانه في كل شيء من أمر دينه ودنياه من آمن به ربا خالقا هاديا رازقا مدبرا؟!
وكيف لا يسلم لرسوله صلى الله عليه وسلم من آمن به نبيا مرسلا من عند ربه؟!
ولو أن إنساناً انتهج هذا المنهج في السؤال لم يَبْعُدْ أن ينتهي به الأمر إلى الإلحاد، لأنك تقول: لماذا لم تكن الصلاة مجرد قراءة للقرآن والدعاء، فيأتي ثانٍ ويقول: وما الداعي للدعاء أفلا يكفي القرآن؟
ويأتي ثالث ويقول: لماذا الصلاة أصلاً، أفلا يكفي قول لا إله إلا الله، وقل مثل ذلك في الزكاة والصيام والحج جميع الأحكام الشرعية. فينتهي الأمر إلى إنكار الأحكام الشرعية والإلحاد.
ثالثاً:
فرضت الصلاة على هذه الصفة التي هي أحسن ما يكون وأكمل ما يكون حتى تتحقق العبودية لله والذل له، والتلذذ بمناجاته، فيستقبل الرجل القبلة، ويقف ذليلاً بين يدي الله مطأطأ الرأس، ثم يركع لله تذللاً له، ثم يزيد ذله لله بالسجود.
وانظر وصفاً تفصيلاً لصفة الصلاة من التكبير إلى التسليم مع التدبر في أفعالها وأقوالها بما لا مزيد عليه لابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه "الصلاة".
ونسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ويجعل الصلاة قرة عيوننا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب