لدخول بيت الخلاء دعاء وإن لم تدخل لقضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند دخول الحمام أقول الدعاء عند الدخول والخروج منه، وكذلك يفعل جميع أفراد أسرتي. فهل يقال هذا الدعاء عندما ندخل دورة المياه لمجرد ترجيل الشعر وما أشبه؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يقرر العلماء أن العلة من استحباب الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى عند دخول الخلاء هي الالتجاء إليه سبحانه في الحماية من الشياطين التي تحضر أماكن النجاسات وكشف العورات، وقد جاء في الحديث الشريف ما يدل على ذلك.
فعنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ) رواه أبو داود (٦) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
الحشوش: مواضع قضاء الحاجة (دورات المياه)
جاء في الموسوعة الفقهية (٤/١٠) :
" قال الحطّاب: وخصّ هذا الموضع بالاستعاذة لوجهين:
الأوّل: بأنّه خلاءٌ، وللشّياطين بقدرة الله تعالى تسلّطٌ بالخلاء ما ليس لهم في الملأ.
الثّاني: أنّ موضع الخلاء قذرٌ ينزّه ذكر الله تعالى فيه عن جريانه على اللّسان، فيغتنم الشّيطان عدم ذكره، لأنّ ذكر الله تعالى يطرده، فأمر بالاستعاذة قبل ذلك ليعقدها عصمةً بينه وبين الشّيطان حتّى يخرج " انتهى.
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (١/٨٣) :
" فائدة هذه الاستعاذة: الالتجاء إلى الله عز وجل من الخبث والخبائث لأن هذا المكان خبيث، والخبيث مأوى الخبثاء فهو مأوى الشياطين فصار من المناسب إذا أراد دخول الخلاء أن يقول الله: أعوذ بالله من الخبث والخبائث حتى لا يصيبه الخبث وهو الشر، ولا الخبائث وهو النفوس الشريرة " انتهى.
وهذه العلة تقتضي من المسلم أن يحافظ على الاستعاذة عند كل دخول للخلاء، سواء كان بقصد قضاء الحاجة، أو كان لغير ذلك من الأمور التي يستعمل الناس اليوم لها دورات المياه من أمور النظافة المتنوعة، وبذلك يحفظ المسلم نفسه من أذى الشياطين.
جاء في "المغني" (١/١٩٠) :
" قال أحمد: يقول إذا دخل الخلاء: أعوذ بالله من الخبث والخبائث.
وما دخلت قط المُتَوَضَّأ [يعني: مكان الوضوء] ولم أقلها إلا أصابني ما أكره " انتهى.
وقد ذكر بعض الفقهاء في فروعهم ما يدل على ذلك، حيث جاء في "حاشية نهاية المحتاج" من فروع الشافعية (١/١٤٢) قال:
" دخل الخلاء بطفل لقضاء حاجة الطفل، فهل يُسن له أن يقول على وجه النيابة عن الطفل أو لا يسن؟ فيه نظر، ولا يبعد أن يقول ذلك.
ومن ذلك إرادة أم الطفل وضع الطفل في محل لقضاء حاجته، ومنه إجلاسه على ما يسمونه بالقَصرِيَّة في عرفهم " انتهى باختصار.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (١٠/٢٩) : هل الدعاء لمجرد دخول الحمام، أم إذا أراد الإنسان قضاء الحاجة؟
فأجاب باستحباب دعاء دخول الخلاء مطلقا، من غير تقييد بقضاء الحاجة.
ومثل ذلك دعاء الخروج من الخلاء، فقد روى الترمذي (٧) وحسنه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ قَالَ غُفْرَانَكَ.
فقد ذكر العلماء من الحكم في توجيه الاستغفار عند الخروج من الخلاء أن ذلك لترك ذكر الله تعالى مدة لبثه في الخلاء، والمسلم يرى ذلك تقصيرا فيتداركه بالاستغفار.
انظر "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/٧٠٣)
وهذه الحكمة تقع أيضا فيمن دخل الخلاء لأمر غير قضاء الحاجة، والاستغفار من ديدن المسلم اليومي، فلا حرج إن شاء الله منه بعد الخروج من الخلاء.
وانظر سؤال رقم (٢٦٨١٦)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب