للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يلزم الموظف قدر معين من الصدقة عن راتبه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل هناك نسبة محددة يجب أن يدفعها الموظف من راتبه كصدقات لوجه الله تعالى؟ وإن لم يكن فما هو المحبب دفعه كصدقات؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

إذا ملك الإنسان نصابا من مال، ذهبٍ أو فضة، أو نقود مدخرة من راتبه أو غيره، ومرَّت عليه سنة هجرية كاملة فإنه تلزمه زكاته، وذلك بأن يخرج ربع العشر منه ٢,٥%، والنصاب هو ما يعادل ٨٥ جراماً من الذهب أو ٥٩٥ جراماً من الفضة.

ولمعرفة كيف يزكى الراتب، راجع السؤال رقم (٢٦١١٣) .

وأما إذا لم تجب الزكاة على الموظف الذي يتقاضى راتبا شهريا، لكونه لم تمر سنة هجرية كاملة على ملكه للنصاب، فليس هناك نسبة محددة من الراتب يلزمه التصدق بها، إلا أنه ينبغي ألا يحرم نفسه من ثواب الصدقة، فيتصدق بما تيسر له، قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة/٢٦١ وقال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة/٢٧١، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الحديد/١٨. إلى غير ذلك من الآيات الواردة في فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله.

وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلا الطَّيِّبَ ـ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ) رواه البخاري (١٤١٠) ومسلم (١٠١٤) .

و (الفلو) هو الفرس الصغير (المهر) .

وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أحد أبواب الجنة الثمانية باب الصدقة، وأنه يدخل منه من كان من أهل الصدقة. رواه البخاري (١٨٩٧) ومسلم (١٠٢٧) .

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ) رواه البخاري (١٤٢٦) ومسلم (١٠٣٤) .

ومعناه أن " أَفْضَل الصَّدَقَة مَا بَقِيَ صَاحِبهَا بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا بِمَا بَقِيَ مَعَهُ , وَتَقْدِيره: أَفْضَل الصَّدَقَة مَا أَبْقَتْ بَعْدهَا غِنًى يَعْتَمِدُهُ صَاحِبهَا وَيَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى مَصَالِحه وَحَوَائِجه , وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَل الصَّدَقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَاله ; لأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ يَنْدَم غَالِبًا أَوْ قَدْ يَنْدَم إِذَا اِحْتَاجَ , وَيَوَدّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّق , بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا فَإِنَّهُ لا يَنْدَم عَلَيْهَا , بَلْ يُسَرُّ بِهَا ... (وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول) فِيهِ تَقْدِيم نَفَقَة نَفْسه وَعِيَاله " انتهى من "شرح النووي على مسلم".

وقال ابن قدامة رحمه الله:

" وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية ; لقول الله تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم , ويكفر عنكم من سيئاتكم) ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.... وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها , حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) متفق عليه.

ويستحب الإكثار منها في أوقات الحاجات , لقول الله تعالى: (أو إطعام في يوم ذي مسغبة) أي: مجاعة شديدة.

وفي شهر رمضان ; لأن الحسنات تضاعف فيه , ولأن فيه إعانة على أداء الصوم المفروض. ومن فطر صائما كان له مثل أجره.

وتستحب الصدقة على ذي القرابة ; لقول الله تعالى: (يتيما ذا مقربة) أي جمع الوصفين: اليتم والقرابة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة , وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة) . وهذا حديث حسن.

وتستحب الصدقة على من اشتدت حاجته , لقول الله تعالى: (أو مسكينا ذا متربة) أي: ليس بيده شيء إلا التراب، والمعنى أنه فقير جداً.

" انتهى من "المغني" (٢/٣٦٨) باختصار وتصرف.

وراجع السؤال رقم (٦٢٦٦) ، ورقم (٢٢٨٨١)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>