للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معنى كلمة التسبيح " سبحان الله وبحمده "

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هو معنى كلمة: " سبحان الله وبحمده " وكلمة: " بسم الله "، أرجو الإيضاح، فأنا أحتاج إلى ذلك في صلاتي.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

كلمة التسبيح " سبحان الله " تتضمن أصلا عظيما من أصول التوحيد، وركنا أساسيا من أركان الإيمان بالله عز وجل، وهو تنزيهه سبحانه وتعالى عن العيب، والنقص، والأوهام الفاسدة، والظنون الكاذبة.

وأصلها اللغوي يدل على هذا المعنى، فهي مأخوذة من " السَّبْح ": وهو البُعد:

يقول العلامة ابن فارس: " العرب تقول: سبحان مِن كذا، أي ما أبعدَه. قال الأعشى:

سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخِر أقولُ لمّا جاءني فخرُهُ

وقال قوم: تأويلُهُ عجباً له إِذَا يَفْخَر. وهذا قريبٌ من ذاك؛ لأنَّه تبعيدٌ له من الفَخْر " انتهى.

"معجم مقاييس اللغة" (٣/٩٦)

فتسبيح الله عز وجل إبعاد القلوب والأفكار عن أن تظن به نقصا، أو تنسب إليه شرا، وتنزيهه عن كل عيب نسبه إليه المشركون والملحدون.

وبهذا المعنى جاء السياق القرآني:

قال تعالى: (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) المؤمنون/٩١

(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ) الصافات/١٥٨-١٥٩

(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الحشر/٢٣

ومنه أيضا ما رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/٣٨٤) عن حذيفة رضي الله عنه – في وصف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل - قال: (وَإِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَبَّحَ) صححه الألباني في صحيح الجامع (٤٧٨٢) ومحققو المسند.

وقد روى الإمام الطبراني في كتابه "الدعاء" مجموعة من الآثار في تفسير هذه الكلمة، جمعها في باب: " تفسير التسبيح " (ص/٤٩٨-٥٠٠) ، ومما جاء فيه:

عن ابن عباس رضي الله عنهما:

" سبحان الله ": تنزيه الله عز وجل عن كل سوء.

وعن يزيد بن الأصم قال:

جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

" لا إله إلا الله " نعرفها: لا إله غيره، و " الحمد لله " نعرفها: أن النعم كلها منه، وهو المحمود عليها، و " الله أكبر " نعرفها: لا شي أكبر منه، فما " سبحان الله "؟

قال: كلمة رضيها الله عز وجل لنفسه، وأمر بها ملائكته، وفزع لها الأخيار من خلقه.

وعن عبد الله بن بريدة يحدث أن رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن " سبحان الله "، فقال: تعظيم جلال الله.

وعن مجاهد قال:

التسبيح: انكفاف الله من كل سوء.

وعن ميمون بن مهران قال:

" سبحان الله ": تعظيم الله اسم يعظم الله به.

وعن الحسن قال:

" سبحان الله ": اسم ممنوع لم يستطع أحد من الخلق أن ينتحله.

وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى:

" سبحان الله ": تنزيه الله وتبرئته.

وقال الطبراني: حدثنا الفضل بن الحباب قال: سمعت ابن عائشة يقول:

العرب إذا أنكرت الشيء وأعظمته قالت: " سبحان "، فكأنه تنزيه الله عز وجل عن كل سوء لا ينبغي أن يوصف بغير صفته، ونصبته على معنى تسبيحا لله.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء، وإثبات صفات الكمال له، فإن التسبيح يقتضي التنزيه، والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه، وتحميده، وتكبيره، وتوحيده " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (١٦/١٢٥)

ثانيا:

أما معنى (وبحمده) فهي - باختصار – تعني الجمع بين التسبيح والحمد، إما على وجه الحال، أو على وجه العطف، والتقدير: أسبح الله تعالى حال كوني حامدا له، أو أسبح الله تعالى وأحمده.

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" قوله: (وبحمده)

قيل: الواو للحال، والتقدير: أسبح الله متلبسا بحمدي له [أي: محافظا ومستمسكا] من أجل توفيقه.

وقيل: عاطفة، والتقدير: أسبح الله وأتلبس بحمده ...

ويحتمل أن تكون الباء متعلقة بمحذوف متقدم، والتقدير: وأثني عليه بحمده، فيكون سبحان الله جملة مستقلة، وبحمده جملة أخرى.

وقال الخطابي في حديث: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك) أي: بقوتك التي هي نعمة توجب علي حمدك، سبحتك، لا بحولي وبقوتي، كأنه يريد أن ذلك مما أقيم فيه السبب مقام المسبب " انتهى.

"فتح الباري" (١٣/٥٤١) ، وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير (١/٤٥٧)

ثالثا:

أما السؤال عن معنى البسملة " بسم الله "، فقد سبق توضيحه وشرحه في جواب السؤال رقم: (٢١٧٢٢) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>