للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حكم صرف العملة بعملة أخرى مع تحويلها إلى بلد آخر

[السُّؤَالُ]

ـ[نحن نعيش في بلاد الغرب، ويوجد عمل وهو كما يلي: أنا أريد أن أبعث نقوداً إلى بلدي، فأعطي النقود بعملة البلد الذي أعيش فيه إلى الذي يعمل بالتحويل، وهو يعطي دولار إلى الاهل في بلدي، وإنه يرى كم هو سعر الدولار مقابل هذه العملة التي أعطيها له، ويأخذ على كل مئة دولار عمولة تحويل خمسة دولار، ويقول لي: بعد يومين يذهب الذي بعثت له النقود لاستلامها، فهل هذا العمل نوع من الربا، أم يجوز العمل به؟ وإذا كان يجوز العمل به، فما هو المحرم في هذاالمجال من التعامل؟ أرجو أن توضحوا لنا وجزاكم الله خير]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

المعاملة المذكورة تشتمل على عقدين هما: عقد الصرف، وعقد الحوالة.

وللعلماء المعاصرين قولان فيها هما:

القول الأوّل: لا يجوز هذا النّوع من التعامل.

وعلّلوا لذلك بأنّه يشتمل على العقدين، وقد " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ". أخرجه الترمذيّ برقم (١٢٣١) ، وقال: (حديث حسن صحيح) ، والنسائيّ برقم (٤٦٤٦) ، وأحمد في المسند (٢/٤٣٢) . وحسّنه الألباني في الإرواء برقم (١٣٠٦) .

ولأنّ الصّرف يشترط فيه التقابض؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلّم -: " الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ". أخرجه مسلم برقم (١٥٨٧) . وهو غير حاصل في هذا التّعامل.

ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٢ / ٢٨٣) ما يأتي: (اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الصَّرْفِ التَّقَابُضُ فِي الْبَدَلَيْنِ قَبْل التَّفَرُّقِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إذَا افْتَرَقَا قَبْل أَنْ يَتَقَابَضَا أَنَّ الصَّرْفَ فَاسِدٌ.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَى عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ) انتهى.

وعلى هذا فالمخرج الشّرعيّ في هذا التّعامل هو أن تعقد مع المحوِّل عقد الصّرف، وتقبض منه قيمة العملة المحوّل إليها، ثمّ تعقد معه عقد الحوالة إلى بلدك.

وإن تعذّر وجود العملة المحوّل إليها، فخذ منه الشّيك، أو ورقة الحوالة؛ لأنّه بمثابة القبض، كما قرّر ذلك أهل العلم.

ورد في فتاوى اللجنة الدائمة (١٣ / ٤٤٨) : السؤال الأول من الفتوى رقم (٤٧٢١)

س١: ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى، مثلا أقبض راتبي بالريال السعودي، وأحوله للريال السوداني، علما بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية، هل هذا ربا؟

ج١: يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى، ولو تفاوت العوضان في القدر؛ لاختلاف الجنس، كما في المثال المذكور في السؤال، لكن بشرط التقابض في المجلس، وقبض الشيك، أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس.

وينظر: فتاوى اللجنة (١٣/٤٥٢) ، مجلّة البحوث الإسلاميّة (٢٦/١٥٦-١٥٧) ، والقبض تعريفه وأقسامه وصوره وأحكامه للثبيتيّ (ص٦٣-٦٤) .

والقول الثّاني أنّ هذا التّعامل جائز.

وعلّلوا لذلك بأنّ المحوّل وكيل بأجرة، فهو وكيل عن صاحب المال في إيصال المبلغ إلى البلد المحوّل إليه، والمبلغ الذي يأخذه على الحوالة، هو عوض عن توكّله في نقل المبلغ، ولا حرج في ذلك.

وهذا اختيار الدكتور يوسف الشبيلي في فقه المعاملات المصرفيّة (ص٣٢) .

والحاصل: أن تحويل المال في دولة، واستلامه في دولة أخرى، بعملة مختلفة عن العملة التي تسلمها الصراف الأول: جائز، إذا استلم المودِع شيكا، أو سندا بقبض المبلغ، وتم تحديد سعر الصرف الذي تحول به العملة إلى البلد الآخر.

وأما على القول الآخر، فلا إشكال في المعاملة، لأنها تعتبر وكالة بأجر، وليست صرفا.

وينظر الجواب على سؤال رقم (٨٧٦٥٦) ، ورقم (١١١٩٢٧) ، ورقم (١١٠٩٣٨) .

ثانيا:

المبلغ الذي يأخذه المحوّل حلال له، لا حرج عليه في ذلك؛ لأنّه أجرة التّحويل على القول الأول، أو أجرة الوكالة على القول الآخر.

وقد سئلت اللجنة الدائمة عن حكم هذا المبلغ، فأجابوا بما يلي:

السؤال الثالث من الفتوى رقم (١٢٤١٦)

س٣: هل يجوز أخذ عمولة على صرف وتحويل العملات؟

ج٣: يجوز. فتاوى اللّجنة الدّائمة (١٣ / ٤٥٤) . والله أعلم.

وينظر فتاوى اللجنة الدائمة (١٣/٤٦٠) ،

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>