زوَّر في أوراق طبية ليحصل على إعادة منحة دراسية، فماذا يترتب عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب، أدرس في الغربة، تأتني نوبات من الربو، تشتد أحياناً، وتخف أحياناً أخرى، وهذا المرض يحتاج إلى مصاريف بشكل دائم لشراء الدواء، وإلا أحسست أني أشارف على الهلاك، انقطعتْ منحتي الدراسية لأسباب قانونية، ونظامية، بعثتُ للوزارة بتقرير عن حالتي الصحية، وكان الرد أنهم لن يعيدوا لي المنحة إلا إذا كان تاريخ النوبة خلال امتحانات الفصل الثاني، رغم أن هذه السنة أتتني النوبة، ولكن خلال امتحانات الفصل الأول، وليس الثاني، فما كان مني إلا أن طلبت من الطبيب المشرف على حالتي أن يعدَّ لي تقريراً، ولكن بالتاريخ الذي تنص عليه الوزارة، وفعلاً تمَّ إعادة المنحة الدراسية، ولكن الآن: هل هذا المال الذي عندي حلال أم حرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله سبحانه وتعالى بمنّه، وكرمه أن يعافيك وأن يكتب لك الشفاء، والأجر، والثواب , فالمسلم إذا احتسب ما يصيبه كفَّر الله عنه سيئاته، ورفع درجاته، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَاّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) .
رواه البخاري (٥٣١٨) ومسلم (٢٥٧٣) .
ثانياً:
لا يجوز أخذ المال بغير حقٍّ، ولو كان هذا المال من جهة حكومية، ومن قواعد الشريعة المطهرة: أن المال العام يتعلق به حق كل مسلم يعيش في هذه الدولة , فإذا أخذ الإنسان مالاً من الدولة بغير وجه حق: كان ظالماً لجميع المسلمين.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
"والعجب من بعض الناس أنهم يقولون: إن مال الحكومة ليس له حرمة، ويماطلون في حق الحكومة، وهذا خطأ، فمال الحكومة له حرمة؛ لأن المال الذي في بيت المال للمسلمين عموماً، كل إنسان له فيه حق" انتهى.
"اللقاء الشهري" (٧٤/السؤال رقم ٢٤) .
وما دام أن منْحتك قد انقطعت بسبب ما ذكرتَ من أسباب قانونية، ونظامية , ولا تعلق لذلك بالمرض: فما فعلتَه أنت والطبيب هو كذب، وشهادة زور، وهاتان معصيتان لا يخفى على مسلم تحريمهما، ويكون المال الذي دُفع لك للمنحة الدراسية محرَّماً عليك، كما يحرم على الطبيب أخذ مال مقابل شهادة الزور التي كتبها لك.
فيجب عليك إرجاع المال الذي أخذتَه في تصرفك ذلك , مع التوبة، والاستغفار , فإن لم يمكن إرجاعه، فإنك تتصدق به في وجوه البر تخلصاً منه.
فإن كنت فقيراً محتاجاً إلى هذا المال، فنرجو أن تكفيك التوبة والندم والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل مرة أخرى.
وانظر جواب السؤال رقم (٨١٩١٥) .
ونرجو أن يكون كسبك بعملك المباح بعد الانتهاء من دراستك لا حرمة فيه؛ حيث إن العمل يكون باعتبار ما تقدمه من شهادة غير مزورة.
فإن فعلت ما قلناه لك: فنسأل الله تعالى أن يعوضك خيراً , ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وقال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب) الطلاق/ ٢، ٣.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب