للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنيَّة ودخلت مواقع الرافضة وحضرت مناقشاتهم مع أهل السنة وحصل عندها اضطراب

[السُّؤَالُ]

ـ[عقيدتي في خطر؛ فأرجوك: إن كان وقتك ضيقا، ولا تستطيع الجواب على رسالتي، فدلني على إيميل شيخ، أو مشايخ، أو أرسلها أنت لمن ينقذني، لا تهملها، أرجوك. دعني أخبرك في البداية عن مذهبي حتى لا تعتقد غيره: أنا فتاة سنيَّة من أسرة متدينة؛ ولكن مشكلتي أني أدخل " النت " في مسائل المذهبين: السني، والشيعي، ودخلت في متاهات الحوارات القائمة دون علم كافي يسندني، وللأسف الشديد وقعت في المتاهة، أنا مقتنعة جدّاً بمذهبي، وأمقت المذهب الشيعي، ولكني أصبت بسهام التجريح لشخصيات أعتبرها أعلاماً شامخة في حياتي، وهم الصحابة رضوان الله عليهم، دون علم يكفيني. سأكون صريحة معك للغاية في طريقة طرحي، فأنا أريد أجوبة مقنعة لي، فأرجوك لا تهملني.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

نسأل الله أن يثبتك على الحق، وأن يرزقك علماً نافعاً، وعملاً صالحاً متقبَّلاً، وقد رأينا ذِكر بعض الملاحظات لكِ قبل البدء بنقض شبهات أولئك الرافضة، فنقول ـ أيتها السائلة الكريمة ـ:

١. ثمة مواقع متخصصة بالفتاوى، وإجابة السائلين – وموقعنا هذا منها -، فمراسلة هذه المواقع أنفع لك وأجدى، وأسرع في حصول المأمول، فاحرصي – في المستقبل – على مراسلتها لتري جواباً على سؤالك في أسرع وقت إن شاء الله ويسَّر، وندلك على موقع " الشبكة الإسلامية " فهو من المواقع الموثوقة عندنا.

٢. لم يكن ينبغي لك مراسلة المواقع على اختلاف دين أهلها ومناهجهم؛ فإن من شأن هذا أن يزيد في حيرتك، ويولِّد لديك شكوكاً في قواعد دينك، وأصوله، وهو ما حصل من إجابات ذلك الرافضي، والتي كان لها أسوأ الأثر عليك بما فيها من انحراف وضلال.

٤. ولم يكن جائزاً لك ـ من الأصل ـ الدخول في نقاشات أهل السنة مع الرافضة، لا كتابة، ولا صوتاً؛ وقد حذَّر العلماء – قديماً وحديثاً – من السماع والقراءة لأهل البدع، والضلال؛ خشية التأثر بكلامهم، فضلاً عن عدم جواز الدخول معهم في نقاش وجدال في الشرع، وإنما يجوز ذلك – وقد يجب أحياناً – على المتخصصين في الشرع، ممن يعرفون دينهم، ويعرفون مداخل الشبَه على فرق الضلال تلك.

قال الإمام أحمد - رحمه الله -:

الذي كنَّا نسمع، وأدركنا عليه مَن أدركنا مِن أهل العلم: أنهم كانوا يكرهون الكلام، والجلوس، مع أهل الزيغ , وإنما الأمور في التسليم، والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله، أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا في الجلوس مع أهل البدع، والزيغ، لترد عليهم , فإنهم يلبِّسون عليك، ولا هم يرجعون , فالسلامة إن شاء الله في ترك مجالستهم، والخوض معهم في بدعتهم، وضلالتهم.

" الإبانة الكبرى " لابن بطة (٢ / ٤٧١، ٤٧٢) .

وقال شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني - رحمه الله – في بيان اعتقاد أهل السنَّة والجماعة -:

ويجانبون أهل البدع والضلالات، ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات، ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم، ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالأذان، وقرّتْ في القلوب: ضرَّت، وجرَّت إليها من الوساوس، والخطرات الفاسدة ما جرَّت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) الأنعام/ من الآية ٦٨.

" عقيدة السلف أصحاب الحديث " (ص ٩٩، ١٠٠) .

وقال الذهبي - رحمه الله:-

أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبَه خطَّافة.

" سيَر أعلام النبلاء " (٧ / ٢٦١) .

وينظر – لمزيد فائدة – جوابي السؤاليْن: (٩٢٧٨١) و (٩٦٢٣١) .

ثانياً:

الرافضة قومٌ بهت، كذبوا على الله، وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وعلى آل البيت، وهم يزعمون تعظيمهم، فكيف سيَصْدُقون في أعدائهم، وهم الصحابة رضي الله عنهم؟! ولذلك كانوا شرَّ أهل الأهواء، وأضلهم، بل وأحمقهم، وهم ـ في حقيقة أمرهم، وآخر مذهبهم ـ أعداء للدين الذي ينتسبون إليه؛ إذ لا دين إلا ما نقله أولئك الصحابة، ولا قرآن إلا ما قرؤوه وأقرؤوه، ولا سنَّة نبوية إلا ما بلغوها، وهذا هو الإسلام الذي طعنوا فيه، وكفروا بتشريعاته بتكفيرهم للصحابة، وتكذيبهم فيما نقلوه، ولم يسمِّهم السلف أهل أهواء عبثاً، بل هو لفظ مطابق لحالهم.

قال الإمام الشعبي – رحمه الله -:

يا مالك – وهو: ابن مغول - إني قد درستُ الأهواء، فلم أرَ فيها أحمق من " الخشبية " - فلو كانوا من الطير لكانوا رَخَماً، ولو كانوا من الدواب لكانوا حُمُراً، يا مالك لم يدخلوا في الإسلام رغبة فيه لله، ولا رهبة من الله، ولكن مقتاً من الله عليهم، وبغياً منهم على أهل الإسلام، يريدون أن يغمصوا دين الإسلام كما غمص بولص بن يوشع ـ ملك اليهود ـ دينَ النصرانية، ولا تجاوز صلاتُهم آذانَهم، قد حرقهم علي ن أبي طالب رضي الله عنه بالنار، ونفاهم من البلاد، مِنهم: عبد الله بن سبأ، يهودي من يهود صنعاء، نفاه إلى ساباط، وأبو بكر الكروس، نفاه إلى الجابية، وحرَّق منهم قوماً أتوه فقالوا: أنت هو، فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت ربُّنا، فأمر بنار فأججت، فأُلقوا فيها، وفيهم قال علي رضي الله عنه:

لما رأيتُ الأمر أمراً منكرا ... أججتُ ناري ودعوتُ قنبرا

انظري " منهاج السنَّة النبوية " لابن تيمية (١ / ٢٩، ٣٠) .

و" الخشبية " هم الرافضة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " كما كانوا يسمَّون " الخشبية " لقولهم: " إنا لا نقاتل بالسيف إلا مع إمام معصوم، فقاتلوا بالخشب ". " منهاج السنة " (١ / ٣٦) .

واسمعي ما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كما رووه هم في كتاب نهج البلاغة، الذي يثقون فيه، ويتلقونه بالقبول، ويسنبونه إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه، يقول:

" لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وآله، فما أرى أحدا يشبههم منكم؛ لقد كانوا يُصْبحون شُعْثا غُبرا، وقد باتوا سجدا وقياما، يراوحون بين جباههم وخدودهم، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم، كأن بين أعينهم ركب المعزى، من طول سجودهم، إذا ذكر الله هَملت أعينهم حتى تبل جيوبهم، ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف، خوفا من العقاب، ورجاء للثواب ". انتهى.

نهج البلاغة، بشرح ابن أبي الحديد (٧/٧٧) .

ويقول أيضا:

" أين القوم الذين دُعوا إلى الإسلام فقبلوه، وقرءوا القرآن فأحكموه، وهُيِّجوا إلى الجهاد فولِهوا ولَهَ اللِّقاح إلى أولادها، وسَلبوا السيوف أَغْمادَها، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا، وصفا وصفا، بعضٌ هلك، وبعضٌ نجا، لا يبشرون بالأحياء، ولا يعزون عن الموتى، مُرْه العيون من البكاء، خُمص البطون من الصيام، ذُبل الشفاه من الدعاء، صفر الألوان من السهر، على وجوههم غُبرة الخاشعين، أولئك إخوانى الذاهبون، فحق لنا أن نظمأ إإليهم، ونعض الأيدى على فراقهم ". انتهى.

وننصحك بقراءة كتاب: صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم، للعالم الهندي الكبير: الشيخ أبو الحسن الندوي، رحمه الله.

وانظري – لمزيد فائدة – أجوبة الأسئلة: (١١٣٦٧٦) و (١١٤٨) و (٤٥٦٩) .

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>