للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يدفع زكاة الفطر لخالته؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز دفع زكاة الفطر لخالتي المطلقة، وليس لها أولاد، ولكن لها بنات متزوجات، وتمتلك نصف دونم من الأرض، وليس لها مصدر رزق، فهل يجوز إعطاؤها الزكاة أم تعطى لفقير آخر؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

اختلف العلماء في مصرف زكاة الفطر، فذهب جمهورهم إلى أنها تصرف إلى أي واحد من مصارف زكاة المال الثمانية، وذهب بعضهم إلى وجوب استيعاب تلك الأصناف الثمانية بالزكاة، وذهب آخرون إلى اختصاصها بالفقراء والمساكين.

جاء في " الموسوعة الفقهية " (٢٣ / ٣٤٤) :

"اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراءٍ: ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال، وذهب المالكيّة - وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة - إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين، وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثّمانية، أو من وُجد منهم" انتهى.

وقد ردَّ شيخ الإسلام ابن تيمية القول الأول والثالث في " مجموع الفتاوى " (٢٥/٧٣ – ٧٨) ، وبيَّن – رحمه الله – أن تعلق زكاة الفطر بالأبدان لا بالأموال، ومما قال هناك:

"ولهذا أوجبها الله تعالى طعاماً، كما أوجب الكفارة طعاماً، وعلى هذا القول: فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطى منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل.

وأضعف الأقوال: قول من يقول: إنه يجب على كل مسلم أن يدفع صدقة فطره الى اثني عشر، أو ثمانية عشر، أو إلى أربعة وعشرين، أو اثنين وثلاثين، أو ثمانية وعشرين، ونحو ذلك؛ فإن هذا خلاف ما كان عليه المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، وصحابته أجمعين، لم يعمل بهذا مسلم على عهدهم، بل كان المسلم يدفع صدقة فطره وصدقة فطر عياله إلى المسلم الواحد، ولو رأوا مَن يقسم الصاع على بضعة عشر نفساً يُعطي كل واحد حفنة: لأنكروا ذلك غاية الإنكار وعدُّوه من البدع المستنكرة، والأفعال المستقبحة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّر المأمور به صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، ومن البر إما نصف صاع وإما صاع، على قدر الكفاية التامة للواحد من المساكين، وجعلها طعمة لهم يوم العيد يستغنون بها، فاذا أخذ المسكين حفنة لم ينتفع بها، ولم تقع موقعاً، وكذلك مَن عليه دَين وهو ابن سبيل إذا أخذ حفنة من حنطة لم ينتفع بها. . . والشريعة منزهة عن هذه الأفعال المنكرة التي لا يرضاها العقلاء، ولم يفعلها أحد من سلف الأمة، وأئمتها.

ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم (طُعمة للمساكين) نصٌّ في أن ذلك حق للمساكين، كقوله تعالى في آية الظهار: (فإطعام ستين مسكيناً) : فإذا لم يجز أن تصرف تلك للأصناف الثمانية: فكذلك هذه" انتهى باختصار.

وعليه: فيكون الراجح من تلك الأقوال الثلاثة: القول الثاني، وهو وجوب دفع صدقة الفطر للفقراء والمساكين دون غيرهم، وهو الذي رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، كما في "الشرح الممتع" (٦/١١٧) .

ثانياً:

وزكاة المال، والفطر إذا كانت في الأقارب الذين يستحقونهما فهي أفضل من أن تكون في غيرهم من المستحقين، وتكون هنا زكاة وصلة، ولكن ذلك مشروط بكون هذا القريب ممن لا تجب نفقته على المزكِّي.

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء؟

فأجاب:

"يجوز أن تدفع زكاة الفطر، وزكاة المال، إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته، أي: على الغني؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته؛ لأنه إذا فعل ذلك: فقد وفَّر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز، ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته: فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إن دفع الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) " انتهى.

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (١٨ / السؤال رقم ٣٠١) .

والخلاصة:

إذا كانت خالتك فقيرة: فهي تستحق الزكاة، ولو كانت تملك نصف دونم، وإن كان الأفضل لها بيعه والاستغناء بثمنه عن منَّة الناس.

ولا ينبغي للمسلمين ترك أقاربهم حتى يقارب شهر رمضان على الانتهاء فيتفقد أحدهم قريبه بصاعٍ من طعام يدفعه له، بل الواجب على المسلمين عموماً تفقد أحوال المحتاجين والفقراء، والمسارعة لبذل ما يحتاجونه من طعام ومال وكساء، ويتحتم هذا على الأغنياء في تفقد أقاربهم الفقراء.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>