للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم المسابقة على جمال الكلاب وسرعتها

[السُّؤَالُ]

ـ[١. ما حكم وضع مسابقه جمال الكلاب؟ ٢. ما حكم أخذ رسوم من المشاركين في سباقات إطلاق الكلاب على الغزال ومعرفة أسرع كلب؟ ٣. ما حكم وضع مسابقات للكلاب أيهما أسبق بإطلاقهن على غزال بدون رسوم؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لا يجوز دفع المال فيما يسمى مسابقة جمال الكلاب أو مزايين الكلاب؛ لأن السَبَق لا يدفع إلا فيما نص عليه الشارع من الإبل والخيل والسهام، وما يلحق بها مما يعين على الجهاد في سبيل الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (١٧٠٠) والنسائي (٣٥٨٥) وأبو داود (٢٥٧٤) وابن ماجه (٢٨٧٨) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

والسبق: العوض أو الجائزة.

والنصل: السهم. والخف: المقصود به الإبل. والحافر: الخيل.

وإقامة هذه المسابقة بدون رسوم، نوع من اللهو والعبث، واقتناء الكلاب لهذا الغرض حرام، فإنه لا يجوز اقتناء الكلاب إلا فيما رخص فيه الشرع، وبذلُ المال في تربية الكلاب وتزيينها وتجميلها سفه وتبذير.

روى البخاري (٥٤٨١) ومسلم (١٥٧٤) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " مما لا شك فيه أنه يحرم على الإنسان اقتناء الكلب إلا في الأمور التي نص الشرع على جواز اقتنائه فيها، فإن من اقتنى كلباً - إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث - انتقص من أجره كل يوم قيراط، وإذا كان ينتقص من أجره قيراط فإنه يأثم بذلك، لأن فوات الأجر كحصول الإثم، كلاهما يدل على التحريم.

وبهذه المناسبة فإني أنصح كل أولئك المغرورين الذين اغتروا بما فعله الكفار من اقتناء الكلاب وهي خبيثة، ونجاستها أعظم نجاسات الحيوانات، فإن نجاسة الكلاب لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداهن بالتراب. حتى الخنزير الذي نص الله في القرآن أنه محرم وأنه رجس فنجاسته لا تبلغ هذا الحد.

فالكلب نجس خبيث ولكن مع الأسف الشديد نجد أن بعض الناس اغتروا بالكفار الذين يألفون الخبائث فصاروا يقتنون هذه الكلاب بدون حاجة وبدون ضرورة. يقتنونها ويربونها وينظفونها مع أنها لا تنظف أبداً، ولو نظفت بالبحر ما نظفت، لأن نجاستها عينية، ثم هم يخسرون أموالاً كثيرة فيضيعون بذلك أموالهم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.

فأنصح هؤلاء المغترين أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يخرجوا الكلاب من بيوتهم، أما من احتياج إليها لصيد أو حرث أو ماشية فإنه لا بأس بذلك لإذن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " انتهى من "فتاوى إسلامية" (٤/٤٤٧) .

ثانياً:

أما المسابقة بين الكلاب ليعرف أيها أسرع، فإن كانت بعوض (رسوم) لم تجز، لأنه لا يجوز دفع العوض إلا فيما نص عليه الشارع، وما ألحق به، كما سبق.

وهذه المسابقة لا يستفيد منها صاحب الكلب شيئا يعود على الدين أو الجهاد بفائدة.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولكن هل يجوز المسابقة بالحيوان نفسه، بمعنى أن يطلق الرجلان كلبيهما ويتسابقا على ذلك؟ الظاهر أنه لا يجوز؛ لأنه لا فعل من المتسابقين في هذه الحال " انتهى من "الشرح الممتع" (١٠/٩٦) .

وإن كانت بغير عوض، فلا تجوز أيضا.

قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (٦/١٦٨) : " ولا تجوز المسابقة على الكلاب , ومهارشة الديكة , ومناطحة الكباش بلا خلاف، لا بعوض ولا غيره ; لأن فعل ذلك سفه " انتهى.

وبهذا يتبين أن المسابقة بين الكلاب لا تجوز، ولو كانت بلا عوض؛ لأنها سفه، ولما فيها من تربية الكلاب واقتنائها لغير ما رخص فيه الشرع، ولما فيها أيضا من التشبه بالكفار والأمم الضالة.

والمسلم مأمور بحفظ المال وعدم إضاعته، فكيف ينفقه على تربية كلب ليكون أجمل أو أسرع من غيره من الكلاب، مع نجاستها وحقارتها.

ومن أعطاه الله فضل مال فلينفق منه على عياله وأهله وعلى فقراء المسلمين وما أكثرهم، وعلى المشاريع العلمية والدعوية التي فيها رفعة للإسلام ونفع للمسلمين، وليعلم أنه مسئول غدا عن ماله: من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ فهل يليق به أن يقول: يارب أنفقته على تربية الكلاب واقتنائها والبحث عن جمالها وسرعتها.

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>