تريد نصائح وتوجيهات لتناظر النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في الجامعة التي أدرس فيها هناك نسبة نصارى ليست باليسيرة في جامعتي , وقد وصل بهم الحد إلى أن صار بعضهم من دعاة التبشير والتنصير، وهم في بلاد الإسلام، وبين أظهر المسلمين!!
حتى إن إحداهن كانت تحضر معها الإنجيل، وكتابا آخر عن (الإيمان) ، وعليه صورة مريم العذراء عليها السلام، وكانت ترغِّب البنات في قراءته وتشوقهم إليه!
ثم تبين لي ـ فيما بعد ـ من كلامي معها أنها نشيطة في الكنيسة، وأنها تدرس الأطفال فيها!
والآن أنا حائرة في كيفية التعامل معها، ومع مثيلاتها؛ فهل أقطعها وأحذر زميلاتي منها، أو أحاول أن أناظرها وأناقشها في معتقداتها؟
علما بأنني حاولت ـ مرة ـ أن أستخرج بعض ما عندها، لأعرف كيف أناقشها، فوجدتها على وعي تام بمسائل النقاش، وكأنها قد تلقنت ماذا يجب أن تقول، وتتسلح به فيما معاملتها ومناقشتها للمسلمين!! ولم يكن عندي من العلم ما أرد به عليها، أو يمكنني من الاسترسال معها في النقاش.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نشكر لكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ غيرتِك على دين الله تعالى، وعلى الاهتمام بالدعوة إلى الله، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات.
ثانياً:
لا ننصحك بمحاورة زميلاتك من النصارى، أو مجادلة أحد منهم، لأنكِ ذكرتِ أن عندهم من الشُّبَه ما تعجزين عن رده، وذكرتِ أنك في أول طريق طلب العلم، وهذا يجعلنا نؤكد على هذه النصيحة في حقك وحق من كان مثلك؛ فالجدال إنما (يقصر جوازه على المواطن التي تكون المصلحة في فعله أكثر من المفسدة أو على المواطن التي المجادلة فيها بالمحاسنة لا بالمخاشنة) [فتح القدير، للشوكاني ١/٥٢٧] .
وهذه المصلحة التي ترجى من مجادلة أهل الكتاب، أو غيرهم من أصناف أهل الشرك بالله، أو أهل الأهواء والبدع، لا تتم إلا بأن يقوم بهذه المناظرة من هو أهلها ممن كان عنده من العلم بدينه ودين المخالف ما يمكنه من مناظرته، ثم يتزين بأدب الشرع لنا في ذلك.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" ولما كان أتباع الأنبياء هم أهل العلم والعدل، كان كلام أهل الإسلام والسنة مع الكفار وأهل البدع، بالعلم والعدل، لا بالظن وما تهوى الأنفس. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة؛ رجل علم الحق وقضى به، فهو في الجنة، ورجل علم الحق وقضى بخلافه، فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار) رواه أبو داود وغيره، [صححه الألباني في صحيح الجامع] ؛ فإذا كان من يقضي بين الناس في الأموال والدماء والأعراض، إذا لم يكن عالما عادلا، كان في النار، فكيف بمن يحكم في الملل والأديان، وأصول الإيمان والمعارف الإلهية والمعالم الكلية، بلا علم ولا عدل كحال أهل البدع والأهواء.. " [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ١/١٠٧-١٠٨] .
ولأجل ما ذكره شيخ الإسلام هنا من أدب الجدل، قال الله تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) العنكبوت/٤٦ قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله في تفسيره: " ينهى تعالى عن مجادلة أهل الكتاب، إذا كانت عن غير بصيرة من المجادل، أو بغير قاعدة مرضية، وأن لا يجادلوا، إلا بالتي هي أحسن، بحسن خلق ولطف ولين كلام، ودعوة إلى الحق وتحسينه، ورد الباطل وتهجينه، بأقرب طريق موصل لذلك. وأن لا يكون القصد منها، مجرد المجادلة والمغالبة، وحب العلو، بل يكون القصد بيان الحق، وهداية الخلق. " اهـ. [تفسير السعدي ٧٤٣]
ثم عليكِ ـ أيتها الأخت الكريمة ـ أن تلتفتي لنفسك وطلب العلم، وقبل أن يعرف المسلم ما عند غيره، يجب أن يعرف ما في دينه من أحكام، فابحثي عن أخوات من طالبات العلم وابدئي معهن في تعلم دينك، ويمكنك أن تستعيني ـ أيضا ـ بأشرطة علماء أهل السنة الداعين إلى منهج السلف الصالح، لاسيما إذا لم يتيسر لك من يعلمك.
ولتكن عنايتك الأولى بمعرفة ما يصحح لك عقيدتك، وعبادتك، واهتمي بالوقوف على معاني كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
هذه هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن تبدئي بها، ودعي نقاش النصارى وغيرهم من أهل الانحراف والضلال للمتخصصين، فهم أقدر على مواجهتهم وتبيين زيفهم، ولا يزال في الأمة الإسلامية – ولله الحمد – من يقوم بهذا الواجب.
وإذا رأيتِ من يمكن أن يتأثر بدعوات التنصير من أخواتك المسلمات: فيجب عليك تحذيرهن من مصاحبة أولئك الكافرات والسماع لهن، ويمكنك تزويدهن بكتب وأشرطة تبين الإسلام الصحيح، وتحذِّر من المذاهب والأديان الباطلة.
ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه، وأن ييسر لك العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب