ـ[متى تشرع مقاطعة المبتدع؟ ومتى يشرع البغض في الله؟ وهل تشرع المقاطعة في هذا العصر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فينبغي على المؤمن أن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان والشرع والتجرد من الهوى، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق، وأقل أحواله أن يكون سنة، وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة أما إن كان عدم الهجر أصلح لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين، وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم يؤثر فيهم ويزيدهم هدى فلا يعجل في الهجر، ولكن يبغضهم في الله كما يبغض الكفار والعصاة، لكن يكون بغضه للكفار أشد؛ مع دعوتهم إلى الله سبحانه والحرص على هدايتهم عملا بجميع الأدلة الشرعية؛ ويبغض المبتدع على قدر بدعته إن كانت غير مكفرة، ويبغض العاصي على قدر معصيته، ويحبه في الله على قدر إسلامه وإيمانه، وبذلك يُعلم أن الهجر فيه تفصيل.
والخلاصة: أن الأرجح والأولى النظر إلى المصلحة الشرعية في ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر؛ هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية دعت إلى ذلك.
فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر والمبتدع والعاصي في الله سبحانه ومحبة المسلم في الله عز وجل، وعليه أن يراعي المصلحة العامة في ذلك، فإن اقتضت الهجر هجر، وإن اقتضت المصلحة الشرعية الاستمرار في دعوتهم إلى الله عز وجل وعدم هجرهم فعل ذلك مراعاةً لهديه صلى الله عليه وسلم. والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (٩ / ٤٢٣) .