حديث: (اللهم أحيني مسكيناً)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم أحيني مسكيناً) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي (٢٣٥٢) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا، وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . وقَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.
ورواه ابن ماجه (٤١٢٦) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
وقد ضعفه كثير من أهل العلم، وعلى فرض صحته فالمراد بالمسكنة هنا التواضع والإخبات، وليس المراد قلة المال.
قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (٦/٧٥) :
" فأمَّا الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي سعيد أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (اللهم أحيني مسكيناً. . . الحديث) فإنَّه حديث ضعيف، لا يثبت من جهة إسناده، لأن فيه يزيد بن سنان أبا فروة الرَّهاويّ وهو ضعيف جداً، والله أعلم.
وقد رواه التّرمذيّ من وجه آخر عن أنس. . . ثم قال: هذا حديث غريب.
قلت (ابن كثير) : وفي إسناده ضعف، وفي متنه نكارة، والله أعلم " انتهى.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي "التَّلْخِيصِ" (٣/١٠٩) بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ:
" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ , وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ، وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضًا , وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ " انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث فقال:
" هذا يُرْوَى، لكنه ضعيف لا يثبت، ومعناه: أحيني خاشعا متواضعا، لكن اللفظ لم يثبت " انتهى. "مجموع الفتاوى" (١٨/٣٥٧) .
وقال أيضاً (١٨/٣٢٦) :
" هذا الحديث قد رواه الترمذي، وقد ذكره أبو الفرج (ابن الجوزي) في الموضوعات، وسواء صح لفظه أو لم يصح: فالمسكين المحمود هو المتواضع الخاشع لله ; ليس المراد بالمسكنة عدم المال، بل قد يكون الرجل فقيراً من المال وهو جبار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: ملك كذاب، وفقير مختال، وشيخ زان) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) فالمسكنة خلق في النفس، وهو التواضع والخشوع واللين ضد الكبر. كما قال عيسى عليه السلام: (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً) مريم/٣٢. ومنه قول الشاعر:
مساكين أهل الحب حتى قبورهم عليها تراب الذل بين المقابر
أي: أذلاء " انتهى.
وفي "لسان العرب" (١٣/٢١٦) :
" وأَصل المسكين في اللغة الخاضع، وأَصل الفقير المحتاج.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم أَحْيِني مِسْكيناً) أَراد به التواضع والإِخْبات، وأَن لا يكون من الجبارين المتكبرين. أي: خاضعاً لك يا رب ذليلاً غير متكبر، وليس يراد بالمسكين هنا الفقير المحتاج " انتهى.
ونقل الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (٣/١٠٩) عن البيهقي أنه قال عن هذا الحديث:
" وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْقِلَّةِ , وَإِنَّمَا سَأَلَ الْمَسْكَنَةَ الَّتِي يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الإِخْبَاتِ وَالتَّوَاضُعِ " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب