للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متمتعة تركت سعي الحج وتزوجت بعد ذلك فماذا يلزمها؟

[السُّؤَالُ]

ـ[حججت أنا وخالي ووالدتي متمتعين فأخذنا العمرة وحللنا وأحرمنا وأدينا مناسك الحج كلها ماعدا سعي الحج ظناً من والدتي أن سعي العمرة يكفي وهي جاهلة عن الحكم وأنا كنت في الثالثة عشرة من عمري ولكن كنت بالغة حينها وبعدها تزوجت ولم أعلم أن علي شيئاً إلا بالصدفة من بعض الداعيات فما علي أن أفعل الآن علماً بأن خالي توفي. وسأذهب بإذن الله إلى مكة لأداء العمرة فبماذا أبدأ وهل علي أن أذهب إلى الميقات بعد فعل سعي الحج السابق إذا كان علي ذلك والإحرام بالعمرة الجديدة وماذا عن عقد الزواج إذا لم أكن تحللت من النسك حتى الآن علماً بأن لي ٣٨ سنة متزوجة.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

السعي ركن من أركان الحج، لا يتم الحج بدونه، ولا يتحلل المحرم التحلل الأكبر حتى يأتي به، وأما التحلل الأصغر الذي يباح به كل شيء إلا النساء فيحصل بالرمي والحلق، ثم إذا طاف المحرم وسعى تحلل التحلل الأكبر، وحل له كل شيء.

والمفرد والقارن لا يلزمهما إلا سعي واحد، فإن سعيا بعد طواف القدوم كفاهما هذا السعي.

وأما المتمتع فيلزمه سعيان، سعي لعمرته، وسعي لحجه.

وعليه؛ فإذا لم تكوني سعيت سعي الحج، فأنت على إحرامك الآن، لم تتحللي التحلل الأكبر، ولا يجوز لزوجك أن يجامعك حتى تتحلي بفعل السعي.

وأما عقد النكاح: فما دام قد وقع بعد التحلل الأول الذي يحصل بالرمي والحلق أو التقصير، فإنه عقد صحيح على ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

قال الشيخ ابن عثيمين: " وهذا من الأمور التي ينبغي أن يسلك الإنسان فيها الاحتياط، فإذا جاءنا رجل ابتلي وعقد النكاح قبل أن يطوف طواف الإفاضة أو خطب امرأة قبل أن يطوف طواف الإفاضة، فنقول: لا تعد؛ لأن التحريم وإبطال العقد بعد أن وقع فيه صعوبة، ولكن لو جاءنا يستشير ويقول: هل تفتونني بأن أخطب أو أعقد النكاح وقد حللت التحلل الأول؟ فنقول له: لا " انتهى من "الشرح الممتع" (٧/ ٣٣٠) .

وإن كان قد وقع الجماع في هذه المدة عن جهل، فلا شيء عليكما، والأحوط أن تخرجي فدية، وهي ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين يعطى لفقراء مكة، أو صيام ثلاثة أيام.

فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: أنا من سكان مكة حججت العام الماضي وطفت ولكن لم أسع، فما الحكم؟

فأجاب: عليك السعي، وهذا غلط منك، ولا بد من السعي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم، لا بد من السعي بعد الطواف بعد النزول من عرفات تطوف وتسعى، فالذي ترك السعي يسعى الآن، وإذا كان أتى زوجته عليه ذبيحة يذبحها في مكة للفقراء؛ لأنه لن يحصل له التحلل الثاني إلا بالسعي، فعليه أن يسعى الآن بنية الحج السابق، وعليه دم إن كان قد أتى زوجته " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (١٧/٣٤١) .

وقال رحمه الله - فيمن سافرت وقد بقي عليها من أشواط السعي - قال: "يجب عليكِ أن تعودي إلى مكة، وأن تسعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة بنية الحج السابق، وعليك دم يذبح في مكة للفقراء إن كان لديكِ زوج قد جامعك، فإن لم يكن لديك زوج أو لديك ولم يحصل جماع فليس عليك دم. وعليك أن تطوفي للوداع عند السفر من مكة " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (١٧/٣٤٥) .

ثانيا:

وما دمت تنوين العمرة فإنك تحرمين بها من الميقات، ثم إذا فرغت منها بالطواف والسعي والتقصير، فإنك تأتين بسعي الحج.

وانظري جواب السؤال رقم (١٠٩٣٦٨) .

ويلزمك عند الخروج من مكة طواف الوداع؛ لأن وداعك الأول غير معتبر لوقوعه قبل الانتهاء من أعمال الحج.

ثالثا:

لا يلزم فعل شيء عن خالك، ولا يقضى عنه ما فاته من السعي، وهذا هو الصحيح فيمن مات في الحج سواء مات قبل التحلل الأول أو بعده.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا) ، دليل على أنه لا يقضى عنه ما بقي من نسكه ولو كان الحج فريضة خلافا لما ذهب إليه بعض أهل العلم، وقالوا: إن يقضى عنه ما بقي من النسك إذا كان الحج فريضة؛ فإننا نقول ردا على هذا القول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لهم: اقضوا عنه بقية النسك، ولو كان قضاء بقية النسك واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأننا لو قضينا عنه بقية نسكه لفوتنا عليه فائدة كبيرة جدا، وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبيا؛ لأنه لو قضي عنه بقية النسك لتحلل وانتهى من النسك، فيكون في قضاء بقية النسك عنه إساءة للميت " انتهى من "الشرح الممتع" (٥/ ٢٨٦) .

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>