عمل برنامجا استعملته المؤسسة في معاملة ربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس في الإعلامية أعمل في شركة لإنتاج برامج الحاسوب. أنجزت برنامجا لمؤسسة حكومية، وهو عبارة عن وسيلة لتشجيع المواطنين لشراء آلة منزلية. ونظرا لغلاء هذه الآلة فإن المواطن يحصل عليها من المزود الذي بدوره يقدم للمؤسسة ملفا في الغرض، لتأذن لأحد البنوك بدفع الثمن له، ويحسب قرضا على ذمة المواطن المستفيد. وتقوم هذه المؤسسة بجمع الأقساط من المواطن مع فائدة ربوية لتغطية ذلك القرض. وكل هذا يتم بالبرنامج الذي قمت بإنجازه. أرجو منكم أن تفتوني إن كنت أعنتهم بهذا العمل على الربا وإن كان كذلك فماذا أفعل بأجرة ذلك العمل، علما بأني قد صرفت ما أخذته منها والباقي لم أستلمه بعد. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان دور البنك في هذه العملية يقتصر على التمويل، في مقابل الفائدة، فهذه معاملة ربوية واضحة. وإذا كان البنك يشتري السلعة شراء حقيقيا، ثم يبيعها بالأقساط على المواطنين – بزيادة على الثمن الحال - فلا حرج في ذلك، على ألا يزيد البنك ـ مرة أخرى ـ في ثمن السلعة، إذا تأخر العميل في سداد شيء من الأقساط.
وفي حال كون المعاملة محرمة، فإن كنت تعلم ذلك أثناء عمل البرنامج، فقد أعنت على الربا، وعملك محرم، وما ترتب عليه من الأجرة فهو محرم كذلك، ويلزمك التوبة إلى الله تعالى، لكن ما صرفته من المال قبل التوبة لا يلزمك فيه شيء، وأما بقي فيلزمك التخلص منه بصرفه في أوجه الخير والبر. وانظر: سؤال رقم ٧٨٢٨٩
وإن كنت جاهلا بالتحريم، أو بما ستقدم عليه المؤسسة من العمل المحرم، فلا إثم عليك، ولك الانتفاع بالأجرة التي حددت لك، سواء ما صرفته، وما لم تستلمه بعد.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (١٤/٣٣) : " أسأل سماحتكم عن فتوى شاعت بين الناس عن أحد العلماء، بأن الشخص إذا كسب مالا من صنع الخمر أو بيعه أو بيع المخدرات، وتاب إلى الله سبحانه وتعالى فإن هذا المال المكتسب عن طريق صنع الخمر أو بيعه أو بيع المخدرات وترويجها فإنه حلال، وحيث إن كثيرا من طلبة العلم يتساءل عن هذا فأحببنا أن نستفتي سماحتكم في هذا.
الجواب: إذا كان حين كسب الحرام يعلم تحريمه فإنه لا يحل له بالتوبة، بل يجب عليه التخلص منه بإنفاقه في وجوه البر وأعمال الخير " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن توبة المرابي [أي من يعمل في البنك الربوي] كيف تكون: هل يخرج من جميع ماله المحرم الذي اكتسبه، أم ماذا يصنع؟ حيث إني قرأت لأهل العلم كلاماً مختلفاً: منهم من قال: يتخلص مما في يده من المال المحرم إن كان عالماً بالحرمة، فإن لم يكن فلا يخرج شيئاً، ومنهم من قال: له كل ما في يده قبل التوبة تسهيلاً له في التوبة، ومنهم من قال: يتخلص من الربا كله؛ لأن الله يقول: (فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ) [البقرة:٢٧٩] فما هو الحكم الذي تؤيده الأدلة جزاك الله عنا خيراً، ويسر لإخواننا طريق الخلاص من كل محرم؟
الجواب: الذي يظهر لي: أنه إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) [البقرة:٢٧٥] . أما إذا كان عالماً فإنه يتخلص من الربا بالصدقة به تخلصاً منه، أو ببناء مساجد أو إصلاح طرق أو ما أشبه ذلك " انتهى من "اللقاء الشهري" (٦٧/١١) .
وهذا يقال في العمل الربوي وفي غيره من الأعمال المحرمة.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب