استعمال الأدوية المصنوعة من مشتقات حيوانية
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى المسلمات أنهت للتو دراستها في (طب المثلية) وهي الآن تمارس عملها، ولديها سؤالين: هل يجوز للمسلمين أن يستخرجوا أدوية من أعضاء الحيوانات/المنتجات؟ مثلا: الأنسولين الذي يُعطى عن طريق الحقن والذي يُستخرج من أنسجة الخنازير/والأدوية التي تحتوي على كبد الأبقار أو أعضاء البقر الأخرى. وأيضا، ما هو الحكم في العلاجات التي تحتوي على مستخلصات أخذت من هرمونات الحيوانات؟ هل يجوز للطبيب المسلم أن يستخدم هذه الأدوية الواردة أعلاه لعلاج المرضى من المسلمين وغير المسلمين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إنتاج الدواء من غير الحيوان له حالان:
الحال الأولى: أن يصنع من مباح فيكون الدواء مباحاً، كتصنيعه من الأعشاب المُباحة.
الحال الثانية: أن يُصنع من محرم أو نجس فيكون الدواء محرماً باتفاق الفقهاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " أخرجه البخاري معلقاً (الفتح،ج١٠/ص ٧٨)
أنظر الموسوعة الفقهية ج١١ ص١١٨
أما لو صنع الدواء من الحيوان فله ثلاثة أحوال:
الأولى: أن يكون مما يُؤكل لحمه وقد ذُُكِّي فالتداوي به مباح.
الثانية: أن يكون مما يُؤكل لحمه ولم يُذكَّى فلا يجوز التداوي به، لأنه حرام وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " أخرجه البخاري في صحيحه معلقاً من كلام ابن مسعود رضي الله عنه في كتاب الأشربة.
الثالثة: أن يكون مما لا يُؤكل لحمه فلا يجوز التداوي به؛ لما تقدم، وهذا شامل للحم الخنزير.
*قال ابن قدامة رحمه الله: " فَصْلٌ: وَلا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِمُحَرَّمٍ , وَلا بِشَيْءٍ فِيهِ مُحَرَّمٌ , مِثْلِ أَلْبَانِ الأُتُنِ (جمع أتان وهي أُنثى الحمار) ، وَلَحْمِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ , وَلا شُرْبِ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي بِهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا.} ; وَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ لَهُ النَّبِيذُ يُصْنَعُ لِلدَّوَاءِ فَقَالَ {: إنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ} .المغني ج٩ ص٣٣٨
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى ج٣ ص٦: " مَسْأَلَةٌ: هَلْ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ؟
الْجَوَابُ:
التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ حَرَامٌ , بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاهِيرُ أَهْلِ الْعِلْمِ. ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّهُ {سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ تُصْنَعُ لِلدَّوَاءِ , فَقَالَ: إنَّهَا دَاءٌ , وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ} . وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ: أَنَّهُ {نَهَى عَنْ الدَّوَاءِ بِالْخَبِيثِ} . وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ , وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا} . وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ {سُئِلَ عَنْ ضُفْدَعٍ تُجْعَلُ فِي دَوَاءٍ , فَنَهَى عَنْ قَتْلِهَا وَقَالَ: إنَّ نَقِيقَهَا تَسْبِيحٌ} . وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ , فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ قَطْعًا. وَلَيْسَ لَهُ عَنْهُ عِوَضٌ , وَالأَكْلُ مِنْهَا وَاجِبٌ , فَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَيْتَةِ وَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ. دَخَلَ النَّارَ. وَهُنَا لا يُعْلَمُ حُصُولُ الشِّفَاءِ , وَلا يَتَعَيَّنُ هَذَا الدَّوَاءُ , بَلْ اللَّهُ تَعَالَى يُعَافِي الْعَبْدَ بِأَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ , وَالتَّدَاوِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ , وَلا يُقَاسُ هَذَا بِهَذَا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ."
وبناءً على ما تقدم يُجاب عن السؤال الثاني بالآتي:
٢ـ لا يجوز للطبيب استخدام الأدوية المحرمة في العلاج.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد