يعاني من الوسواس وحلف أيماناً كثيراً وحنث فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[موسوس عقد أيمانا متعددة ألا يكرر العمل ثم حنث وقد تراكمت عليه أيمان وعهود كثيرة الله أعلم بعددها وهو يعاني من الوسواس كيف يكفر ما مضى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من حلف أيمانا متعددة، وحنث ولم يكفّر عن شيء منها، فله حالان:
الأول: أن تكون الأيمان على شيء واحد، كأن يقول: والله لا أشرب الدخان، ثم يحنث ولا يكفر عن يمينه، ثم يحلف مرة أخرى أنه لا يشرب الدخان ثم يحنث.. فهذا تلزمه كفارة واحدة.
والثاني: أن تكون الأيمان على أفعال مختلفة، كقوله: والله لا أشرب، والله لا ألبس، والله لا أذهب إلى مكان كذا، ثم يحنث في الجميع، فهل تلزمه كفارة واحدة أو كفارات بعدد الأيمان؟ فيه خلاف بين الفقهاء، فالجمهور على تعدد الكفارة، والحنابلة على أنه لا تلزمه إلا كفارة واحدة.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور؛ لأنها أيمان على أفعال مختلفة، لا يحنث في إحداهن بالحنث في الأخرى، فلم تتداخل.
وينظر "المغني" (٩/٤٠٦) .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: أنا شاب حلفت بالله أكثر من ثلاث مرات على أن أتوب من فعل محرم، سؤالي: هل علي كفارة واحدة أم ثلاث، وما هي كفارتي؟
فأجاب: عليك كفارة واحدة، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام؛ لقول الله سبحانه: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) الآية من سورة المائدة/٨٩، وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد، ولو تكررت ليس فيها إلا كفارة واحدة، إذا كان لم يكفر عن الأولى منهما. أما إذا كان كفر عن الأولى ثم أعاد اليمين فعليه كفارة ثانية إذا حنث، وهكذا لو أعادها ثالثة وقد كفر عن الثانية فعليه كفارة ثالثة.
أما إذا كرر الأيمان على أفعال متعددة أو ترك أفعال متعددة فإن عليه في كل يمين كفارة، كما لو قال: والله لا أكلم فلانا، والله لا آكل طعاما، والله لا أسافر إلى كذا، أو قال: والله لأكلمن فلانا، والله لأضربنه، وأشباه ذلك.
والواجب في الإطعام لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريبا.
وفي الكسوة ما يجزئه في الصلاة كالقميص أو إزار ورداء. وإن عشاهم أو غداهم كفى ذلك؛ لعموم الآية الكريمة المذكورة آنفا. والله ولي التوفيق " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (٢٣/١٤٥) .
ثانيا:
إذا كان المسئول عنه موسوسا، وقد حلف هذه الأيمان تحت تأثير الوسوسة، من غير قصد ولا إرادة ولا رغبة في الحلف، فلا شيء عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق عليه ومكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا طلاق في إغلاق) . فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق" انتهى، نقلا عن: "فتاوى إسلامية" (٣/٢٧٧) .
وإذا كان هذا في الطلاق، فاليمين من باب أولى، لأن أمر النكاح أعظم من أمر اليمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب