للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سنن وآداب]

إذا تجددت للمسلم نعمة أو اندفعت عنه نقمة فيستحب له أن يسجد سجود الشكر. المغني مع الشرح الكبير ١/٦٥٤، فعن أبي بكرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجداً شاكراً لله تعالى) رواه أبو داود ٢٧٧٤ وهو صحيح: تخريج المشكاة ١٤٩٤. ولا تشترط الطهارة واستقبال القبلة ولكن إذا توضأ واستقبل القبلة فهو أفضل. مجموع فتاوى ابن عثيمين ٤/٢١٦.

إذا أتاك مال حلال من شخص أو من جهة دون طلب منك ولا مد يد ولا إذلال ولا تطلع فخذه والدليل: عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك) رواه البخاري ١٤٠٤.

إذا وضع للمسلم طعام في بيت أخيه المسلم فتحيَّر في أمر اللحم هل هو حلال أم لا؟ فيجوز له الأكل دون السؤال لأن الأصل في المسلم السلامة. والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاماً فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه فإن سقاه شراباً من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه) رواه أحمد ٢/٣٩٩ وهو في السلسة الصحيحة ٦٢٧. وكذلك فإن في السؤال إيذاء للمسلم وجعله في مجال الشك والريبة.

إذا كان يمشي في نعليه وانقطع أحدهما فلا يمش في نعل واحدة والأخرى حافية فإما أن يصلحها ويمشي بهما أو يخلعهما ويحتفي والاحتفاء أحياناً سنة. والدليل: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمشي أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعاً أو ليخلعهما جميعاً) رواه البخاري ٥٥١٨، وأما العلة في ذلك فقد ذكر العلماء أقوالاً أصحها دليلاً ما ذكره ابن العربي وغيره أن (العلة أنها مشية الشيطان) فتح الباري ١٠/٣١٠. ودليل ذلك: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة) السلسلة الصحيحة ٣٤٨.

إذا رأى المسلم رؤيا حسنة أو صالحة يستحب فعل ما يلي:

أن يحمد الله عز وجل.

يعبرها لنفسه أو يخبر عالماً يعبرها له.

لا يخبر بها إلا ناصحاً أو لبيباً أو حبيباً ولا يخبر حاسداً. والدليل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها) رواه البخاري ٦٥٨٤، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقصوا الرؤيا إلا على عالم أو ناصح) رواه الترمذي ٢٢٨٠ وهو في السلسلة الصحيحة ١١٩. لأنهما يختاران أحسن المعاني في تأويلها بخلاف الحاسد والجاهل.

إذا رأى المسلم حلماً سيئاً فإنه يفعل ما يلي:

يبصق عن يساره ثلاثاً.

يستعيذ بالله من الشيطان ثلاثاً.

يستعيذ بالله من شرها.

أن يقوم فيصلي.

يغير الجنب الذي كان نائماً عليه إذا أراد مواصلة النوم ولو كان تحوله إلى الشمال لظاهر الحديث.

لا يخبر بها أحداً من الناس.

لا يفسرها لنفسه ولا يطلب تفسيرها. والدليل: عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً وليتحول عن جنبه الذي كان عليه) رواه مسلم ٢٢٦٢. وفي رواية (وليعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره) فقال - أي الراوي - إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها. رواه مسلم ٢٢٦١. وعن جابر قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله رأيت في المنام كأن رأسي ضرب فتدحرج فاشتددت على أثره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (لا تحدث الناس بتلعب الشيطان بك في منامك) رواه مسلم ٢٢٦٨. وفي رواية (فمن رأى ما يكره فليقم فليصل) رواه الترمذي ٢٢٨٠ وهو في صحيح الجامع ٣٥٣٣.

إذا وقع بصر المسلم على امرأة أجنبية وبقي أثر ذلك في نفسه فإن كان له زوجة فليذهب إلى بيته وليأت أهله ليرد ما وجد في نفسه. والدليل: عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما في نفسه) رواه مسلم ١٤٠٣.

إذا صار مجلسه بين الشمس والظل فليتحول عن مجلسه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أحدكم في الفيء فقلص عنه الظل وصار بعضه في الشمس وبعضه في الظل فليقم) رواه أبو داود ٤٨٢١ وهو في صحيح الجامع ٧٤٨. والعلة في ذلك أنه مجلس الشيطان، والدليل: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس بين الضح والظل وقال: (مجلس الشيطان) . رواه أحمد ٣/٤١٣ وهو في صحيح الجامع ٦٨٢٣.

إذا أصاب أهل الرجل الوعك فيستحب له أن يفعل كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم فعل (كان إذا أخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ثم أمرهم فحسوا منه وكان يقول إنه ليرتق فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم كما تسر إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها) . {يرتق أي يشد القلب لأن الحزن يرخيه، ويسروا أي: يكشف ويجلو - رواه الترمذي ٢٠٣٩ وهو في صحيح الجامع ٤٦٤٦} .

إذا كذب أحد أبناء الرجل أو أحد أفراد أهله فإنه يعالج هذا الموقف كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطلع على أحد من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبة) السلسلة الصحيحة ٢٠٥٢ وصحيح الجامع ٤٦٧٥.

إذا واجه المرء المسلم ظروفاً صعبة محرجة يحتاج فيها أن يتكلم بخلاف الحقيقة لينقذ نفسه أو ينقذ معصوماً أو يخرج من حرج عظيم أو يتخلص من موقف عصيب فهل من طريقة غير الكذب ينجو فيها من الحرج ولا يقع في الإثم؟.

الجواب: نعم توجد طريقة شرعية ومخرج مباح يستطيع أن يستخدمه عند الحاجة ألا وهو التورية أو المعاريض وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه (باب المعاريض مندوحة عن الكذب) صحيح البخاري كتاب الأدب باب ١١٦.

والتورية هي الإتيان بكلام له معنى قريب يفهمه السامع ومعنى آخر بعيد يقصده المتكلم تحتمله اللغة العربية ويشترط أن لا يكون فيها إبطال حق ولا إحقاق لباطل وفيما يلي التوضيح بأمثلة من المعاريض التي استخدمها السلف والأئمة أوردها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه إغاثة اللهفان:

ذكر عن حماد رحمه الله أنه إذا أتاه من لا يريد الجلوس معه قال متوجعاً: ضرسي، ضرسي، فيتركه الثقيل الذي ليس بصحبته خير.

وأحضر سفيان الثوري إلى مجلس الخليفة المهدي فاستحسنه، فأراد الخروج فقال الخليفة لا بد أن تجلس فحلف الثوري على أنه يعود فخرج وترك نعله عند الباب، وبعد قليل عاد فأخذ نعله وانصرف فسأل عنه الخليفة فقيل له أنه حلف أن يعود فعاد وأخذ نعله.

وكان الإمام أحمد في داره ومعه بعض طلابه منهم المروذي فأتى سائل من خارج الدار يسأل عن المروذي والإمام أحمد يكره خروجه فقال الإمام أحمد: ليس المروذي هنا وما يصنع المروذي ها هنا وهو يضع إصبعه في كفه ويتحدث لأن السائل لا يراه.

ومن أمثلة التورية أيضاً:

لو سألك شخص هل رأيت فلاناً وأنت تخشى لو أخبرته أن يبطش به فتقول ما رأيته وأنت تقصد أنك لم تقطع رئته وهذا صحيح في اللغة العربية أو تنفي رؤيته وتقصد بقلبك زماناً أو مكاناً معيناً لم تره فيه، وكذلك لو استحلفك أن لا تكلم فلاناً: فقلت: والله لن أكلمه، وأنت تعني أي لا أجرحه لأن الكلم يأتي في اللغة بمعنى الجرح. وكذلك لو أرغم شخص على الكفر وقيل له اكفر بالله، فيجوز أن يقول كفرت باللاهي. يعني اللاعب. إغاثة اللهفان: ابن القيم ١/٣٨١ وما بعدها ٢/١٠٦-١٠٧، وانظر بحثاً في المعاريض في الآداب الشرعية لابن مفلح ١/١٤. هذا مع التنبيه هنا أن لا يستخدم المسلم التورية إلا في حالات الحرج البالغ ولذلك لأمور منها:

أن الإكثار منها يؤدي إلى الوقوع في الكذب.

فقدان الإخوان الثقة بكلام بعضهم بعضاً لأن الواحد منهم سيشك في كلام أخيه هل هو على ظاهره أم لا؟.

أن المستمع إذا اطلع على حقيقة الأمر المخالف لظاهر كلام الموري ولم يدرك تورية المتكلم يكون الموري عنده كذاباً وهذا مخالف لاستبراء العرض المأمور به شرعاً

أنه سبيل لدخول العجب في نفس صاحب التورية لإحساسه بقدرته على استغفال الآخرين.

وفي خاتمة هذه الرسالة أسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا في ديننا ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا وأن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>