ـ[لي زوجة أخ لا تحترم أحد أبدا وتسكن معنا في البيت فهل لي أن أقول لها شيئا يغير من طباعها؟ وإذا لم تستمع لي فماذا افعل؟ هل أسلم عليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكلمة الطيبة تفتح مغاليق القلوب وتزيل الغشاوة عنها وتصفي النفوس، والتسامح والعفو والنصح يعيد المودة بين الناس، وحين يبذل المرء الكلمة الطيبة ويتغاضى عن الإساءة يكبر في عيون الناس ويجعل المسيء يعتذر عن إساءته أو يتوقف عن التمادي فيها. ولاشك أن بعض الناس قد اختار طريقاً في التعامل مع الآخرين لا يحب - هو نفسه - أن يعامله به أحد ويظن أن القوة والمواجهة والتحدي هو الذي يجعل الناس يحترمونه، ومع اندفاعه واستمراره في ارتكاب الخطأ ونظراً لما يواجهه من نقد شديد وتوجيه جارح يتيه في دوامة الحقد وثورة الانتقام فلا يدري الصواب من الخطأ والحق من الباطل ويقف المرء عاجزاً عن توجيهه ونصحه فأي كلمة تعني له بدء المواجهة، واستمرار العداوة، فهو في موقع الرصد والتربص، فالأسلم هنا أن نجعل بين هذا الشخص وبين تعاملنا معه وقفة مراجعة نعتزله فيها فترة وجيزة نحاول فيها أن نبدد مخاوفه من المواجهة والنقد والمحاسبة ونزرع الكلمة الطيبة والطمأنينة والابتسامة ونشعره بالصفح والمودة، قال الله تعالى:(ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) ولا نعني بالعزلة أن نقطع كل الروابط ونمتنع عن رد السلام والحديث معه، وإنما نجتنب الاحتكاك والخلطة به حتى نجد فرصة سانحة تكون فيها النفس مستعدة لتقبل النصح والتوجيه فنبدأ بذكر محاسنه وما نرجوه له من الخير وما نأمله منه ثم نضع النصيحة في أسلوب مهذب محبب لا يجرح ولا يقدح ولا يُمل ونحتسب ذلك عند الله ونصبر ونسامح ونعطي من أخلاقنا وحسن تعاملنا صورة يقتدي بها من نود نصحه وتوجيهه. ولنستمع إلى توجيه الحقّ سبحانه لرسوله (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)
فالاندفاع في التوبيخ والتجريح والنقد وعدم اختيار الوقت المناسب غالباً ما يأتي بنتائج عكسية والتواضع ولين الجانب يزيل الحواجز ويمنع التعدي والخصومة، ففي الحديث الصحيح عن عياض رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد) رواه مسلم ٢٨٦٥.