للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يُنصح بالتزوج من امرأة غير متحجبة وتربت في بلد أجنبي؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب مقبل على الزواج من فتاة مسلمة، ولكنها تربت في بلد أجنبي، وهي غير محجبة، وأنا في حيرة، وخوف، وقلق، ولا أعلم ماذا أفعل، والسبب: أنه إذا حصل الزواج أن تبقى على ما هي عليه - أقصد " الحجاب " - وسؤالي هو: ما الذي يترتب علي؟ هل هذا الزواج حرام؟ وهل أأثم؟ وماذا أفعل؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

للزوجة دور بالغ الأهمية في بيتها، وبصلاحها تصلح – إن شاء الله – ذريتها، ولا يمكن تخيل مدى السوء الذي سيكون في بيت الزوجية في حال فساد تلك الزوجة، فالزوج لن يجد في بيته السكن، ولا المودة والمحبة، كما أنها ستؤثر سلباً على أولادها، من ذكور وإناث، وهذا مشاهد لا يخالف فيه أحد.

وقد وجدت حالات كثيرة سعى أبطالها للتزوج بامرأة ناقصة الدين، بل وفي أحيان أخرى تكون كافرة يطمع في إسلامها، أو مبتدعة يطمع بإرجاعها لأهل السنَّة، ولكن تبوء مشاريعهم بالفشل؛ وقد رأينا كثيرين غرقوا في تلك البحار، وما استطاعوا النجاة بأنفسهم.

وقد أوصانا الناصح الأمين صلى الله عليه وسلم بالتزوج بذات الدِّين، فقَالَ: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (٤٨٠٢) ومسلم (١٤٦٦) ، فعليك بهذه الوصية المباركة، ولا تفرِّط فيها، واعلم أن الزوجة ستكون عرض الإنسان وشرفه، وستكون مربيةً لأولاده، ومؤتمنة على ماله وبيته، ولا خير في امرأة لا تحفظ هذه الوظائف ولا تقوم عليها حق القيام، والإنسان ابن بيئته، وابن بيته، وإذا كان هذا الأمر يظهر في الرجال فإن ظهوره في الإناث آكد وأقوى، فمن تربت في بلد أجنبي، وفي بيت لا يعرف الاستقامة والالتزام فإنه ستظهر آثار تلك البيئة وذلك البيت على المرأة ولا شك، إلا أن يرحم الله تعالى بعض الأفراد فيوفقهم للهداية والاستقامة، ولو أنها كانت مقبلة على الهداية، وترغب بالتخلص من ماضيها، وتريد من يأخذ بيدها للاستقامة: لنصحناك بها، ولرغبناك في التزوج منها، أما وحالها ليس كذلك: فإننا لا ننصحك بالتزوج منها، وابحث عن غيرها، ولعلك أن توفق لذات الدين عاجلاً غير آجل.

وهذه فتاوى من علمائنا تؤيد ما قلناه لك، ونصحناك به:

١. سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

لي أخ سيتزوج من فتاة متبرجة، فما واجبي نحوه؟ وبماذا تنصحه بعد أن خطبها؟ وما الواجب عليَّ فعله إذا استعملت آلات اللهو والغناء داخل البيت احتفالاً بالعرس؟

فأجابوا:

" عليك أن تنصحه أن يتزوج بذات الدين؛ امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدِّين) ولا تحضر حفلة الزواج التي تستعمل فيها آلات اللهو والغناء إلا إذا كنت قادراً على إنكار المنكر، فإن لم تكن قادراً على ذلك: وجب عليك اجتناب المنكر على الأقل " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٧ / ١٨٢، ١٨٣) .

٢. وسئلوا – أيضاً -:

ما حكم الإسلام في رجل تزوج بامرأة لا ترتدي الزي الإسلامي، وهل يحمل سيئات أم لا على أنها متبرجة، وبالرغم أنه نصحها وأمرها به هل يجوز له أن يطلقها؛ لأنها لا ترتدي هذا الزي؟ بالرغم أنها معترفة به وتقول: إنه فرض.

فأجابوا:

" على الزوج أن يستمر في نصحها وحسن توجيهها؛ لعل الله أن يهديها ويوفقها، وإذا بذل وسعه في نصحها: فليس عليه إثم، فإن أصرَّت على البقاء على المنكر: فواجب عليه أن يطلقها " انتهى.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.

" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٧ / ١٨١) .

٣. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وهو يذكر صفات الزوجة:

(ديِّنَةٍ) ، أي: صاحبة دين، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (تُنكح المرأة لأربع: لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) ، فالديِّنة تعينه على طاعة الله، وتُصلح مَن يتربى على يدها من أولاده، وتحفظه في غيبته، وتحفظ ماله، وتحفظ بيته، بخلاف غير الديِّنة فإنها قد تضره في المستقبل، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (فاظفر بذات الدين) ، فإذا اجتمع مع الدِّين جمالٌ ومالٌ وحسبٌ: فذلك نور على نور، وإلا فالذي ينبغي أن يختار الديِّنة.

فلو اجتمع عند المرء امرأتان: إحداهما جميلة، وليس فيها فسق أو فجور، والأخرى دونها في الجمال لكنها أدين منها، فأيهما يختار؟ يختار الأدين.

...

وقد يقول بعض الناس: أتزوج امرأة غير ديِّنة لعل الله أن يهديها على يدي، ونقول له: نحن لا نكلَّف بالمستقبل، فالمستقبل لا ندري عنه، فربما تتزوجها تريد أن يهديها الله على يدك، ولكنها هي تحولك إلى ما هي عليه فتشقى على يديها " انتهى.

" الشرح الممتع " (١٢ / ١٣، ١٤) .

ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال رقم (٩٦٥٨٤) .

ونسأل الله تعالى أن ييسر لك زواجاً بامرأة صالحة، وأن يعينك وإياها على إنشاء أسرة طيبة صالحة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>