ـ[كان والدي رحمه الله تعالى يملك حصة سهمية من قطعة أرض (تعادل ٢٢٠٠ سهم تقريباً) . في حوالي عام ١٩٨٤م كلّف والدي زوجَ أختي بشراء الحصص السهمية الباقية (والتي تعادل ٢٠٠ سهم) من أصحابها. وبما أن هذا الأمر كان على درجة كبيرة من الصعوبة حيث إن من يملكون ال ٢٠٠ سهم التي لا يملكها والدي كثر، منهم من هم داخل سورية ومنهم من هم في دولة مجاورة ومنهم من توفي...... إلخ. وتشجيعاً من والدي رحمه الله لزوج أختي للقيام بهذه المهمة فإنه قطع عليه عهداً بأن كل حصة يشتريها له ويسجلها باسم والدي (زوج أختي هو من سيدفع ثمن هذه الحصة مع كل يترتب عليها من مصاريف) فإنه سيعطيه هذه الحصة بالإضافة إلى حصة إضافية مقابل أتعابه وذلك بعد أن يتم إفراز قطعة الأرض هذه والتنازل عن جزء منها للأملاك العامة والتي تعادل ثلث مساحة الأرض تقريباً. توفي والدي رحمه الله في عام ١٩٩٦م بعد أن كان زوج أختي قد قام بشراء بعض الحصص وسجلها باسم والدي وطلبنا منه نحن عندها التوقف عن إتمام هذا الموضوع. والآن وبعد أن تم الانتهاء من هذا الأمر عن طريق القضاء أي قمنا بشراء جميع الحصص التي لا نملكها حدث خلاف بين إخوتي حول تقدير الحصة الإضافية التي وعد والدي رحمه الله بإعطائها لزوج أختي. منهم من يقول بأن والدي كان قد وعد زوج أختي بإعطائه الحصة التي يشتريها كاملة بعد تمام إفراز الأرض. بمعنى أنه عندما يشتري مترا مربعا مثلاً فإنه سيصبح بعد الإفراز ثلثي متر لأن ثلث المتر الباقي سيذهب للأملاك العامة (أي أن المتر المربع الواحد قبل الإفراز سيأخذه مترا مربعا واحداً بعد الإفراز وهكذا) ومن الإخوة من يقول غير هذا. زوج أختي يقول وقد أقسم أمامي على ذلك بأن والدي قد وعده بإعطائه الحصة قبل الإفراز حصة ونصفا بعد الإفراز (أي متر مربع واحد قبل الإفراز يأخذه مترا ونصفا بعد الإفراز) . كيف لنا أن نحل هذا الإشكال وليس منا من يستطيع الجزم بهذا الأمر، هل نأخذ بكلام زوج أختي وهل يعتبر هذا الوعد ذمة علينا الوفاء بها أم ماذا؟ علماً بأننا لا ننكر بأن زوج أختي قد قام بجهود كبيرة في متابعة هذا الأمر في دوائر الدولة المختلفة وبما أننا قد تحملنا الكثير من الأعباء المادية لإتمام هذا الأمر فقد قال زوج أختي بأنه سيتنازل لنا عن جزء من الحصة التي وعده والدي بإعطائها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
حيث حصل الاتفاق بين والدك وزوج أختك على أن كل حصة يشتريها ويسجلها باسم والدك فإنه سيعطيه هذه الحصة بالإضافة إلى حصة أخرى مقابل أتعابه، وأن زوج أختك قد قام بذلك، فإنه يلزم الوفاء له.
ولم يتضح لنا ما ذكرته بقولك:(زوج أختي هو من سيدفع ثمن هذه الحصة مع كل ما يترتب عليها من مصاريف)
فهل سيدفع هذا تبرعا، أو قرضا، أو على نية أن تصير الأرض له ولكنه يسجلها باسم والدك لسبب ما؟
ثانيا:
إذا كان زوج أختك يدعي أن الاتفاق تم على أنه يأخذ في مقابل المتر مترا ونصفا بعد الإفراز، وليس لديه بينة تشهد بذلك، وأنتم تدعون خلاف ذلك، فهذا مما يرجع فيه إلى القضاء وقد قال صلى الله عليه وسلم:(الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) رواه الترمذي (١٣٤١) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وروى مسلم (١٧١١) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) .
وعند البيهقي:(ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر) وصححه النووي في شرح مسلم، وابن حجر في بلوغ المرام.
هذا هو الأصل العام في باب الدعاوى، لكن ذهب كثير من أهل العلم إلى أن الأجير والمؤجر إذا اختلفا في قدر الأجرة ولا بينة لأحدهما فإنهما يتحالفان، فإن حلفا جميعا، فسخت الإجارة وكان للأجير أجرة عمله، يقدرها أهل الخبرة والأمانة، وإن امتنع أحدهما عن اليمين، قُضي بالحق لصاحبه.
والورثة يقومون مقام أبيهم المؤجر، والظاهر من سؤالك أنه لا يمكنكم الحلف على خلاف دعواه لعدم جزمكم بواقع الأمر، سواء طولب هو بالبينة فقط وعجز عنها، أو طولب بالحلف، وحينئذ فإما أن تعطوا زوج أختكم ما ادعى، وإما أن تصالحوه على شيء قريب يرضى به الجميع، وينبغي أن تراعوا جميعا ما بينكم من الصلة، وما بذله زوج أختك من الوقت والجهد، فليرفق كل طرف بالآخر، ولتتوصلا إلى شيء يرضى به الجميع. انتهى.