يريد الدخول في الإسلام ويتزوج بمسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب هندوسي وأحب فتاة مسلمة. لقد كنا صديقين حميمين دائما، وقد درسنا في كلية واحدة. لقد تحولت مشاعر كل واحد منا تجاه الآخر للحب لكننا لا نريد أن تنتهي المسألة بفرارها عن أهلها للزواج بي.
أنا أريد أن أتزوج بها لأنها إنسانة رائعة، ولطيفة، ومحبة، وذكية، وتقية. أنا أحبها كثيرا لدرجة أني مستعد أن أدخل الإسلام، وهو الدين الذي كنت دائما مولعا به. كيف أفعل (للدخول في الإسلام) ؟ سأقبل بجميع المعتقدات الإسلامية وسأبقى وفيا لله ولزوجة المستقبل.
أرجو أن ترشدني، فأنا أعلم أن الإسلام يرحب بدخول الآخرين إليه. سأنتظر ردك بفارغ الصبر وبعده سأذهب لأتحدث مع والد المذكورة حول الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله الذي جعل فيك الرغبة للدخول في دين الإسلام ونشكرك على السؤال عن كيفية الدخول في دين الله الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من اتبعه، قال الله تعالى في كتابه القرآن الكريم: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران/٨٥ , الدخول في الإسلام عملية سهلة جدا وليس فيها أي تعقيد وكلّ ما عليك أن تفعله هو النطق بالشهادتين وهما مفتاح الدين وملخصّه وأساسه فتقول: أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أنّ محمدا رسول الله , ثمّ تغتسل وتنوي الطهارة للصلاة وتمارس شعائر دين الإسلام وأعظمها الصلاة التي تربط العبد بربه.
ونريد أن نبيّن هنا بعض الأمور:
١- أما قولك (أنا أحبها كثيرا لدرجة أني مستعد أن أدخل الإسلام)
أنّه بالرغم من أنّ دخولك في الإسلام قد يكون الباعث عليه رغبتك في الزواج من امرأة مسلمة في هذه المرحلة إلا أنك إذا أسلمت وتعلّمت المزيد عن هذا الدّين ومارسته واقعا في حياتك فسيحسن إسلامك وتصفو النيّة وتصبح إخلاصا لله واقتناعا تاما بصحّة هذا الدّين وأنّه لا يزكّي النفس ويُطّهرها إلا هو.
٢- قولك (كنا صديقين حميمين دائما، وقد درسنا في كلية واحدة) .
اعلم وفقك الله للخير أن من مقاصد الشريعة الإسلامية الأساسية حفظ الأعراض , وقد فرضت شريعتنا الغراء تدابير كثيرة لتحقيق هذا المقصد السامي , ومن ذلك المنع من اختلاط الرجال بالنساء حتى في أشرف المواضع وعند طلب أسمى المقاصد , فمن هدي الإسلام: فصل الرجال عن النساء في المساجد , روى مسلم في "صحيحه" (٤٤٠) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها , وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها) .
قال النووي في شرح صحيح مسلم (٤/١٥٩) : " والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع , وخيرها بعكسه , وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك , وذم أول صفوفهن لعكس ذلك , والله أعلم " انتهى.
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء، وهو قطع الأعناق والظهور، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، ويقول إنه يرغب في زواجها، بل يخبر وليها أنه يريد زواجها، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما.
وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة.
" أسئلة الباب المفتوح " (السؤال رقم ٨٦٨) .
٣- أما قولك (لكننا لا نريد أن تنتهي المسألة بفرارها عن أهلها للزواج بي)
نحن نشكر لك هذا العمل الرائع الذي ينبئ عن حسن خلقك وعلى رجحان عقلك.
٤- أما قولك (أنا أريد أن أتزوج بها لأنها إنسانة رائعة، ولطيفة، ومحبة، وذكية، وتقية)
وهذا منك يدل على حرصك على الزوجة التي تصلح أن تكون قدوة لأبنائك وتسعى على إراحتك، والأخلاق السامية التي ذكرت بعضا منها فإن الشرع قد جعل بعض الصفات من دواعي النكاح وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) .
ففي هذا الحديث دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام: الدين والخلق.
٥- أما قولك (فأنا أعلم أن الإسلام يرحب بدخول الآخرين إليه)
هذا منك من باب الإنصاف لهذا الدين العظيم الذي جاء رحمة للعالمين.
ومن فضل الله ورحمته أن جعل الإسلام هادماً لما كان قبله من الذنوب والمعاصي، فإذا أسلم الكافر غفر الله له كل ما فعله أيام كفره، وصار نقياً من الذنوب قال تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) الأنفال/٣٨.
وروى مسلم (١٢١) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي. قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ. قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ.
(الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله) أَيْ: يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره. قاله النووي في "شرح مسلم".
أخيرا: وإننا نتفاءل كثيرا بمستقبل سعيد لك لأنّ بداياتك التي تحدّثت عنها في سؤالك جيدة وتبعث على التفاؤل وخصوصا عندما نتدبّر جميعا قول الله تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ) الأنعام/١٢٥، فنسأل الله أن يشرح صدرك لهذا الدين ويرزقك الدخول فيه ولا شكّ أنّ ذلك سيكون خبرا سعيداً للمرأة المسلمة التي ستتزوجها لأنها تعلم أنه لا يمكنها الزواج منك إلا بعد إسلامك كما هي شريعة رب العالمين، ونرحب بك في هذا الموقع سائلا وقارئا ومتعاونا معنا على الخير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب