للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل يجوز للوالد أن يبيع عقاره لأحد أبنائه دون الآخرين؟

[السُّؤَالُ]

ـ[يبلغ أبي من العمر ٨١ عاما، ووضعه المادي جيد، وقد قام ببيع عقارين لأخي بسعر زهيد جدا، بذريعة أنه بحاجة لهذا المال، وأنا أرى أن هذا ليس بعدل، فهل يعطيني الإسلام حق الاعتراض، وقد قال أخي إنه لو لم يقبل هذا العرض الرائع فإن أبانا كان سيبيع العقار لواحد آخر من خارج الأسرة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

إذا كان الوالد قد قصد من بيعه هذا العقار لأحد أبنائه دون الآخرين بسعر زهيد جدا تفضيل هذا الابن على إخوانه، وتخصيصه بشيء من ملكه بصورة عقد بيع وشراء: فهذه حيلة محرمة على الإثم والعدوان، لا يجوز للمسلم المقبل على الله - وقد بلغ الثمانين سنة - أن يقدم عليها، ولا أن يتعامل بها، فيوقع بين أبنائه الشحناء والبغضاء، ويخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (.. َاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ) رواه البخاري (٢٣٩٨) ومسلم (٣٠٥٥)

أما إذا كان والدك لم يقصد هذه الحيلة، وإنما أراد فعلا بيع هذا العقار لأي مشتر كما يزعم أخوك، لحاجته العاجلة إلى المال، فينبغي عليه أن يبيعه بثمن مثله، ولا بأس أن يتسامح مع ابنه في الشيء اليسير، الذي جرت عادة الناس في التسامح بمثله.

فإذا كان الراغب في شرائه أكثر من واحد، وكلهم يرغب في شراء بثمن مثله: أقرع بينهم، ومن خرجت القرعة عليه، كان الحق له في شراء البيت، ليبعد عن شبهة المحاباة لأحد أبنائه في العطية، وتسلم صدور أبنائه عليه وعلى بعضهم البعض من الشحناء والتباغض والتدابر والتحاسد.

ثانيا:

إذا كان الوالد قد خالف فحابى بعض أبنائه، ولم يرض الباقون: كان من حقهم أن يعترضوا على ذلك البيع، ويطلبوا منه رد هذا البيع، وبإمكانهم أن يعرضوا عليه مساعدته بالمال الذي يحتاجه على سبيل القرض، إن كان حقا في حاجة إلى مال، أو يطلبوا منه العدل بينهم في العطية، إما بأن يمنحهم من العقار مثل ما أعطاه، وإما بأن يقسم عليهم من ماله مقدار الفرق بين الثمن الذي اشترى به هذا الولد، وثمن المثل لهذا العقار الذي اشتراه.

ثالثا:

نذكركم جميعا، معشر الإخوان، بأن ما بينكم من الرحم أجل وأعظم من المشاحة والتشاجر على هذا الحطام من حطام الدنيا، وما حصل بنيكم من خلاف: فاجتهدوا في أن تزيلوا أسبابه بالتي هي أحسن، واجعلوا صلة ما بينكم من الرحم مقدمة على كل شيء.

سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله السؤال الآتي:

" أنا رجل قدر الله عليّ بمرض في رجلي اليمنى، إلى أن قرر الأطباء بترها، مما جعلني عاجزًا عن العمل، وأنا أعول أسرة كبيرة، ولي إخوة ثلاثة، ولكن أبي قد باع مزارعه على إخوتي الثلاثة، ولعجزي عن شراء شيء منها؛ فلم أحصل على شيء؛ فهل فعل والدي هذا صحيح؛ أم أنه يحق لي المطالبة بحقي بدون شراء ولا بيع؟

فأجاب:

إذا كان قد باع هذه المزارع على إخوتك بيعًا صحيحًا، ليس فيه احتيال ولا تَلْجِئَة، وإنما باعها عليهم كما يبيعها على غيرهم بثمن كامل، ولم يترك لهم شيئًا منه، بل استوفى الثمن منهم؛ فلا حرج عليه في ذلك، وليس لك حق الاعتراض؛ لأن هذا ليس فيه محاباة، وليس فيه تخصيص لهم بشيء من المال دونك.

أما إذا كان خلاف ذلك؛ بأن كان بيع حيلة، قد تسامح معهم فيه، وحاباهم به؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه جور، ويجب على الوالد أن يسوي بين أولاده في الهبة والعطية، ولا يجوز له أن يخص بعضهم دون الآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ، فواجب على الوالد أن يسوي بين أولاده فيما يمنحه لهم، ولا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض." انتهى.

" مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (٢ / ٥٩٤، ٥٩٥) .

وانظر جواب السؤال رقم: (١١٤٦٥٩) ، (١١٩٦٥٥)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>