للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال لزوجته: تحرمين عليّ قدر عيني ما تشوف

[السُّؤَالُ]

ـ[قال رجل لامرأته: تحرمين عليّ قدر عيني ما تشوف. يعني: كل ما أعاين أنت حرام عليّ. وبعد ذلك أتى لها بورقتها، وهذه الطلقة الأولي. والرجل يريد أن يراجع امرأته، فهل يجوز له مراجعتها؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

قول الرجل لزوجته: " أنت محرمة علي قدر عيني ما تشوف " أو أنت حرام علي، أو تحرمين علي، ونحو هذا من ألفاظ التحريم، مما اختلف فيه الفقهاء على أقوال كثيرة، والراجح منها أنه يُرجع فيه إلى نية الزوج، فإن أراد الطلاق فهو طلاق، وإن أراد الظهار فهو ظهار، وإن لم يرد شيئا من ذلك أو أراد الامتناع من زوجته فهو يمين.

وقولنا: إن أراد الطلاق فهو طلاق، أي تقع طلقة واحدة، حتى ولو نوى الثلاث أو نوى التحريم المؤبد.

والمقصود بنية الطلاق: أن ينوي مفارقة الزوجة أو أنها لا تبقى معه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إن قال قائل: ما هو الفرق بين هذه الأمور الثلاثة؟ قلنا: الفرق بينهما:

الحال الأولى: في اليمين هو ما نوى التحريم، لكن نوى الامتناع إما معلقا وإما منجزا، مثل أن يقول: إن فعلت كذا فأنت عليّ حرام، هذا معلق. فهنا ليس قصده أنه يحرم زوجته، بل قصده أن تمتنع زوجته من ذلك.

وكذلك: أنت علي حرام، قصده أن يمتنع من زوجته، فنقول: هذا يمين؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ ... ) إلى أن قال: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) وقوله: (مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) "ما" اسم موصول يفيد العموم، فهو شامل للزوجة وللأمة وللطعام والشراب واللباس، فحكم هذا حكم اليمين. قال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا قال لزوجته: أنت علي حرام فهي يمين يكفرها. والاستدلال على ذلك بالآية ظاهر.

والحالة الثانية: أنه يريد به الطلاق، فينوي بقوله: أنت علي حرام، يعني: إنني مفارقك، وما يريد أن تبقى معه، يريد أن يفارقها بهذا اللفظ. فهذا طلاق، لأنه صالح للفراق، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) . الحالة الثالثة: أن يريد به الظهار، ومعنى الظهار: أن يريد أنها محرمة عليه، فهذا قال بعض أهل العلم: إنه لا يكون ظهارا، لأنه لم يوجد فيه لفظ الظهار. وقال بعض العلماء: إنه يكون ظهارا؛ لأن معنى قول المظاهر لزوجته: أنت علي كظهر أمي، ليس معناه إلا أنت حرام، لكنه شبهها بأعلى درجات التحريم وهو ظهر أمه، لأنه أشد ما يكون حراما عليه، فهذا يكون ظهارا" انتهى من "الشرح الممتع" (٥/٤٧٦) .

وإنما ذكرنا حالات النية، لأن بعض الناس يقول: ما قصدت الطلاق، والواقع أنه قصد مفارقة زوجته، وألا تبقى معه، وهذا قصدُ الطلاق.

وقولك: " وبعد ذلك أتى لها بورقتها، وهذه الطلقة الأولي " يدل على أنه أراد بهذا الكلام: الطلاق.

فتقع على الزوجة طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، فيقول لها: راجعتك.

وعلى الزوج أن يتقي الله تعالى، ويمسك لسانه عن الطلاق حال الغضب، لما قد يترتب على ذلك من انهيار أسرته وافتراق شملها من حيث لا يريد.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>