اشترطت عليه للرجوع له أن يطلق الثانية وهو يحب الأولى وأهله يحبون الثانية!
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من فترة ستة شهور على زوجتي الأولى، وبدون علمها، وعرفتْ بعدها عن طريق أناس لا نعرفهم، ولي من زوجتي الأولى بنتان ٤ سنوات، وسنتان , لكن زوجتي الأولى على خلاف كبير مع أهلي منذ فترة، وهي ساكنة في بيت مستقل، وأهلي لا يكنون لها المحبة بسبب الخلاف الكبير، وعدم احترامها لهم. السؤال يا شيخي: زوجتي الأولى مصممة على الطلاق، ورفعت دعوى في المحكمة، وشرطها لكي ترجع هو أن أطلق زوجتي الثانية، مع العلم أن الزوجة الثانية على حب كبير مع أهلي , ومشكلتي هي أني أحب زوجتي الأولى أم بناتي لحكم العشرة، وقرارها غير قابل للنقاش، إما أن أطلق الزوجة الثانية، أو تستمر هي في المحكمة حتى تحصل على الطلاق , وبالنسبة لي: أميل للأولى أكثر من الثانية بكثير، وأخشى أن أظلمها، أي: الثانية لكوني متعلقاً بالأولى، فانصحني، جزاك الله كل خير؛ لأني – والله - تعبت، ولا أعرف ماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يحل لزوجتك الأولى أن تسألك طلاق ضرتها، وقد جاء تحريم ذلك نصّاً في سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا) . رواه البخاري (٤٨٥٧) ومسلم (١٤١٣) .
وفي لفظ: (وَلَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي إِنَائِهَا - أَوْ مَا فِي صَحْفَتِهَا -) . رواه البخاري (٢٥٧٤) ومسلم (١٤١٣) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قوله: (لا يحل) ظاهر في تحريم ذلك " انتهى. " فتح الباري " (٩ / ٢٢٠) .
وقال ابن عبد البر رحمه الله:
"لا ينبغي أن تسأل المرأةُ زوجَها أن يطلق ضرتها لتنفرد به، فإنما لها ما سبق به القدر عليها، لا ينقصها طلاق ضرتها شيئاً مما جرى به القدر لها، ولا يزيدها" انتهى.
" التمهيد " (١٨ / ١٦٥) .
وقال الشيخ عبد الله البسام رحمه الله في بيان فوائد الحديث -:
"تحريم سؤال المرأة زوجَها أن يطلِّق ضرتَها، أو توغير صدره عليها، أو الفتنة بينهما، ليحصل بينهما الشر، فيفارقها، فهذا حرام؛ لما يحتوى عليه من المفاسد الكبيرة، من توريث العداوات، وجلب الإحن، وقطع رزق المطلقة الذي كنَّى عنه بِكَفْءِ ما في إنائها من الخير، الذي سببه النكاح، وما يوجبه من نفقة، وكسوة، وغيرها من الحقوق الزوجية.
فهذه أحكام جليلة، وآداب سامية، لتنظيم حال المجتمع، وإبعاده عما يسبب الشر، والعداوة، والبغضاء، ليحل محل ذلك المحبة، والمودة، والوئام، والسلام" انتهى.
" تيسر العلام شرح عمدة الأحكام " (٢ / ٣٠٥) .
ثانياً:
أما نصيحتنا لك: فهي أن تسعى بكل جهدك لإرجاع الأولى، وعدم طلاق الثانية، ولا تحرص على غير ذلك، فالزوجة الأولى هي أم أولادك، وهي محبوبتك، ويُخشى على أولادك من الضياع بعد الطلاق، ويمكنك إصلاح ما بينها وبين أهلك فيما بعد، والزوجة الثانية هي محبوبة أهلك، ولا ذنب لها بكونك تميل للأولى حبّاً وتعلقاً، فهي زوجتك، ولها حقوق عليك، فاحرص أشد الحرص على الجمع بينهما، واحذر من العجلة في التطليق.
وأما قولك: إنك تخشى أن تظلم الثانية لأنك تميل إلى الأولى.
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا تزوجت الثانية؟ والله تعالى يقول: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) النساء/٣.
فلا يجوز لمن يخشى من نفسه ألا يعدل بين زوجتيه أن يتزوج الثانية.
فعليك أن تحرص على الجمع بينهما، والعدل بينهما، لا ننصحك بغير هذا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب