ما الحكمة من الصلاة الجهرية والسرية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حكمة معينة في صلاة الظهر والعصر سرّاً وباقي الفروض جهراً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الجهر فيما جهر به النبي صلى الله عليه وسلم، والإسرار فيما أسرَّ به من الصلوات هو من سنن الصلاة وليس من واجباتها، والأفضل للمصلي عدم مجاوزة سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وهديَه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل الأفضلية، فلو أن الإنسان قرأ سراً فيما يشرع فيه الجهر لم تكن صلاته باطلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن) ولم يقيِّد هذه القراءة بكونها جهراً أو سرّاً، فإذا قرأ الإنسان ما يجب قراءته سرّاً أو جهراً: فقد أتى بالواجب، لكن الأفضل الجهر فيما يسن فيه الجهر مما هو معروف كصلاة الفجر والجمعة.
ولو تعمد الإنسان وهو إمام ألا يجهر فصلاته صحيحة لكنها ناقصة.
أما المنفرد إذا صلى الصلاة الجهرية: فإنه يخيَّر بين الجهر والإسرار، وينظر ما هو أنشط له وأقرب إلى الخشوع فيقوم به " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٣/٧٣) .
ثانياً:
الأصل في المسلم التزام شرع الله تعالى دون تعليق فعله على معرفة العلة أو الحكمة، ولا مانع من تلمس الحكمة والسعي في طلبها بعد تنفيذه للأمر والتزامه بالهدي.
انظر السؤال (٢٠٧٨٥) ، (٢٦٨٦٢) .
ثالثاً:
سئل علماء اللجنة الدائمة:
لماذا نصلي الظهر والعصر سرّاً والمغرب والعشاء جهراً؟
فأجابوا:
" نفعل ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فنسرُّ فيما أسرَّ فيه، ونجهر فيما جهر فيه؛ لقول الله عز وجل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب/٢١. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري في صحيحه.
"فتاوى اللجنة الدائمة " (٦/٣٩٤، ٣٩٥) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز:
لماذا شرع الجهر بالتلاوة في صلاة المغرب والعشاء والفجر دون بقية الفرائض، وما الدليل على ذلك؟
فأجاب:
" الله سبحانه أعلم بحكمة شرعية الجهر في هذه المواضع، والأقرب - والله أعلم -: أن الحكمة في ذلك: أن الناس في الليل وفي صلاة الفجر أقرب إلى الاستفادة من الجهر وأقل شواغل من حالهم في صلاة الظهر والعصر " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (١١/١٢٢) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما الحكمة من الجهر بالقراءة في صلاة الجمعة؟
فأجاب:
" الحكمة في الجهر بقراءتها: أولاً: من الحِكَم - والله أعلم -: تحقيق الوحدة والاجتماع على إمام واحد، فإن اجتماع الناس على إمام واحد منصتين له أبلغ في الاتحاد من كون كل واحد منهم يقرأ سرًّا بينه وبين نفسه، ولتتميم هذه الحكمة وجب اجتماع الناس كلهم في مكان واحد إلا لضرورة.
والحكمة الثانية: أن تكون قراءة الإمام في الصلاة جهراً بمنزلة تكميل للخطبتين، ومن ثَمَّ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة بما يناسب إما بـ " الجمعة والمنافقين "؛ لما في الأولى من ذكر الجمعة والحث عليها، وفي الثانية ذكر النفاق وذم أهله، وإما بـ " سبِّح " و " الغاشية "؛ لما في الأولى من ذكر ابتداء الخلق وصفة المخلوقات وذكر ابتداء الشرائع، وأما في الثانية ذكر القيامة والجزاء.
والحكمة الثالثة: الفرق بين الظهر والجمعة.
والحكمة الرابعة: لتشبه صلاة العيد؛ لأن الجمعة عيد الأسبوع " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (١٦/١١٢) .
وانظر جواب السؤال: (٦٥٨٧٧) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب