هل يجوز لها الدراسة في مكان مختلط في بلاد كافرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل حفظك الله لي سؤال حول الدراسة في الدول الأوروبية وهو: ما حكم الدراسة في معهد مختلط علما بأنني مرافقة لزوجي، ومدة بعثته خمس سنوات، وأنا أريد كسب اللغة ودراسة الماجستير بعد ذلك، وملتزمة بالحجاب الكامل الفضفاض، لا أُخرج إلا عيني مع تحرزي الشديد، وأكمامي طويلة لا يخرج إلا أطراف الأصابع، جلوسي في القاعة يكون بجانب النساء، وعدد الطلاب لا يتجاوز (١٢) طالبا، ومحتاجة للغة للتخاطب مع من حولي وفي مجال الدعوة حتى أستطيع توضيح الإسلام لهم، خاصة وأنهم كثيراً ما يسألونني عن السر في ارتداء الحجاب. أرجو الإجابة، فأنا بانتظارها؛ لأنني أكملت السنة والأربعة أشهر في الغربة وأنا أبحث عن فتوى لسؤالي؛ لأنني أريد الدراسة، ولكن تحت فتوى شرعية منكم. والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نشكر لك - بدايةً – حرصك على تحري الصواب وموافقة الشرع في أفعالك، وهذا الذي ينبغي على كل مسلم فعله، على أن يكون ذلك قبل الإقدام على ما يريد القيام به، من تجارة، أو سفر، أو وظيفة؛ لأن مقتضى الصدق في الاتباع أن يسأل عن حكم فعله قبل الإقدام عليه.
ثانياً:
سؤالك فيه مسألتان، لا مسألة واحدة، أما الأولى: فهي السفر إلى بلاد الكفر، وأما الثانية: فهي الدراسة المختلطة في تلك البلاد.
وقد سبق في فتاوى متعددة حكم السفر لمثل تلك البلاد، والإقامة فيها، وقد بينَّا أن الأصل فيها التحريم، وأنه يجوز في حالات، وضمن شروط، وليس من الجواز أن يذهب المسلم لدراسة علوم تتوفر في بلده، أو في غيرها من دول الإسلام.
انظري أجوبة الأسئلة: (٢٧٢١١) و (١٤٢٣٥) و (٣٢٢٥) .
وعليه: فالأصل هو عدم ذهاب زوجك أصلاً للدراسة في تلك الديار، فإذا أصرَّ على الذهاب، ويمكنه المحافظة على نفسه لقوة دينه، أو لقصر مدة إقامته هناك: فلا داعي لذهابك معه؛ لأنه ليست ثمة حاجة ولا ضرورة، فإن صعب عليك البقاء في بلدك، أو تخافين على نفسك الفتنة من الوحدة، أو كان يخاف هو على نفسه الفتنة في تلك البلاد: ففي هذه الحال تُعذرين في مرافقته.
ثالثاً:
أما بخصوص دراستك في مكان مختلط في تلك البلاد: فإنه محرَّم ولا شك، ولو كانت دراستك المختلطة في بلدٍ مسلم لم تكن جائزة، فكيف أن تكون بتلك الديار؟! .
سئل علماء اللجنة:
هل يجوز للأخوات أن يدخلن ويتعلمن في المدارس والجامعات المختلطة، حيث لا يوجد في بلاد الغرب إلا التعليم المختلط، ولكن الأخوات يلتزمن بالزي الإسلامي، مع مضايقات الكفار؟ .
فأجابوا:
اختلاط الرجال والنساء في التعليم: حرام، ومنكر عظيم؛ لما فيه من الفتنة، وانتشار الفساد، وانتهاك المحرمات، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشرِّ والفساد الخلقي لهو من أوضح الدلائل على تحريمه، وإذا انضاف إلى ذلك كونه في بلاد الكفار: كان أشد حرمةً ومنعاً، وتعلُّم المرأة بالمدارس والجامعات ليس من الضرورات التي تستباح بها المحرمات، وعليها أن تتعلم بالطرق السليمة البعيدة عن الفتن، وننصحها بأن تستفيد من الأشرطة السليمة التي صدرت من علماء السنَّة، كما ننصحها وغيرها بالاستفادة من " نور على الدرب " في إذاعة القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٢ / ١٨١، ١٨٢) .
وقالوا:
لا يجوز للطالب المسلم أن يدرس في فصول مختلطة بين الرجال والنساء؛ لما في ذلك من الفتنة العظيمة، وعليك التماس الدراسة في مكان غير مختلط؛ محافظة على دينك، وعِرضك، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٢ / ١٧٣) .
وحتى لو وافق زوجك على دراستك، فإن هذا لا يبيح لكِ تلك الدراسة المختلطة.
قال علماء اللجنة:
الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس أو غيرها: من المنكرات العظيمة، والمفاسد الكبيرة في الدين والدنيا، فلا يجوز للمرأة أن تَدرس أو تعمل في مكان مختلط بالرجال والنساء، ولا يجوز لوليها أن يأذن لها بذلك.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (١٢ / ١٥٦) .
فهذه فتاوى العلماء التي رغبت بمعرفتها قبل إقدامك على الالتحاق بذلك المعهد المختلط، وقد عرفتِ أنه لا يجوز لك ذلك، ولا ينفعك لبسك للحجاب كاملاً مع وجود أولئك الطلاب في القاعة، ويمكنك تعلم اللغة الإنجليزية عن طريق مدرسة تأتيك لبيتك، أو عن طريق أشرطة الصوت والفيديو والكتب، وهو متيسر جدّاً في الأسواق، كما يمكنك الانتساب لإحدى الجامعات أو المعاهد، وتقديم الامتحان بالمراسلة أو مع وجود زوجكِ، فتجمعين بين تحقيق هدفك في تعلم اللغة والحصول على شهادة، مع الحفاظ على الستر والنفس من أذية سفهاء القوم وشواذهم.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه.
وانظري أجوبة الأسئلة: (١٢٠٠) و (٣٣٧١٠) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب