ماذا ينوي المصلِّي بالسلام من الصلاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نقول "السلام عليكم ورحمة الله" فى نهاية صلاتنا فلمن نقول هذا؟ هل نقول هذا للملائكة الموجودة على يسارنا ويميننا؟ أم نقولها للناس على يسارنا ويميننا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التسليم من الصلاة ركن من أركانها لا يحصل إنهاء الصلاة ولا التحلل منها إلا به.
لما رواه أبو داود (٦١) والترمذي (٣) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ) . وصححه الألباني في "سنن أبي داود".
وقد ذهب إلى ذلك جمهور العلماء ومنهم الأئمة: مالك والشافعي وأحمد.
قال النووي رحمه الله:
"مذْهَبُنَا: أَنَّهُ فَرْضٌ، رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ , وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ " انتهى.
"المجموع" (٣/٤٦٢) .
وينوي المصلِّي بالسلام: الخروج من الصلاة، والسلام على الإمام، والسلام على من عن يمينه، ويساره، وعلى الحفظة.
قال النووي رحمه الله:
" يَنْوِي الْإِمَامُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ , وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ , وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ , وَالسَّلَامَ عَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى الْحَفَظَةِ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ مِنْ نَاحِيَتِهِ فِي صَفِّهِ وَرَائِهِ وَقُدَّامِهِ , وَيَنْوِي بِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ وَعَلَى الْمَأْمُومِينَ مِنْ نَاحِيَتِهِ , فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ قُدَّامَهُ نَوَاهُ فِي أَيِّ التَّسْلِيمَتَيْنِ شَاءَ.
وَيَنْوِي الْمُنْفَرِدُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ , وَالسَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ , وَبِالثَّانِيَةِ السَّلَامَ عَلَى الْحَفَظَةِ , وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَى سَمُرَةُ رضي الله عنه قَالَ: (أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) ...
وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَنْوِ مَا سِوَاهُ جَازَ ; لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى الْحَاضِرِينَ سُنَّةٌ " انتهى.
"المجموع" (٣/٤٥٦) .
وروى مسلم (٤٣١) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبَيْنِ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ (يعني مضطربة) إِنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَخِيهِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ) .
قال النووي رحمه الله:
" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ يُسَلِّم عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينه وَشِمَاله": الْمُرَاد بِالْأَخِ الْجِنْس أَيْ إِخْوَانه الْحَاضِرِينَ عَنْ الْيَمِين وَالشِّمَال " انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله:
"وَيَنْوِي بِسَلَامِهِ: الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ. فَإِنْ نَوَى مَعَ ذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى الْمَلَكَيْنِ , وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا , أَوْ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ إنْ كَانَ مَأْمُومًا , فَلَا بَأْسَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ , فَقَالَ: يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ , وَيَنْوِي بِسَلَامِهِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ" انتهى.
"المغني" (١/٣٢٦-٣٢٧)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا قيل: على مَنْ يُسلِّم؟
فالجواب: يقولون: إذا كان معه جماعة فالسَّلام عليهم، وإذا لم يكن معه جماعة فالسَّلام على الملائكة الذين عن يمينه وشماله، يقول: السَّلامُ عليكم ورحمة الله " انتهى.
"الشرح الممتع" (٣ / ٢٠٨) .
والخلاصة: أن المصلِّي ينوي بسلامة من الصلاة ثلاثة أمور:
- الخروج من الصلاة.
- السلام على الملائكة الحفظة.
- السلام على إخوانه المصلين.
وإذا كان منفردا فإنه ينوي بالسلام الخروج من الصلاة والسلام على الحفظة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب