للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل تؤخر الزواج لتتم حفظ القرآن وتسعى في طلب العلم؟

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لي رفض أي أحد يتقدم لخطبتي حتى ييسر الله لي الانتهاء من حفظ القرآن الكريم وطلب العلم الواجب فقط. فأنا لا أضمن أن من يتقدم لي يكون تقيا نقيا يعلمني ما أجهله من أمر ديني وإن كان كذلك فربما لا يتسع وقته لتعليمي. فبالإضافة إلى أن الزواج يشغل كثيرا من الوقت أنا أخشى على نفسي أن أضيع ولا تقوم لي في التزامي قائمة إذا تزوجت على هذه الحال من الجهل.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

المبادرة بالزواج أمر مطلوب شرعاً لمن استطاع، ويتأكد هذا الأمر في حق الشباب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (١٩٠٥) ومسلم (١٤٠٠) .

قال النووي:

"وَفِي هَذَا الْحَدِيث: الْأَمْر بِالنِّكَاحِ لِمَنْ اِسْتَطَاعَهُ وَتَاقَتْ إِلَيْهِ نَفْسه , وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ"

انتهى.

وقال الشيخ ابن باز:

" نصيحتي لجميع الشباب والفتيات البدار بالزواج والمسارعة إليه إذا تيسرت أسبابه، لقوله النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ... الحديث) متفق على صحته. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) . أخرجه الترمذي بسند حسن. وقوله عليه الصلاة والسلام: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) . خرجه الإمام أحمد وصححه ابن حبان، ولما في ذلك من المصالح الكثيرة التي نبه عليها النبي صلى الله عليه وسلم، من غض البصر وحفظ الفرج وتكثير الأمة والسلامة من فساد كبير وعواقب وخيمة " انتهى.

"فتاوى إسلامية" (٣ / ١٤١) .

والواقع أن الزواج قد يشغل عن طلب العلم، ولكن ذلك ليس بلازم، فقد يكون الأمر بالعكس، فهناك من حفظت القرآن بعد الزواج، وتعلمت وتفقهت بعد الزواج.

والمطلوب منك أن تحسني الاختيار، فتختاري صاحب الدين والخلق، الحريص على التفقه في الدين، حتى يعين كل منكما الآخر على طاعة الله تعالى.

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

إني متزوج والزواج سنة، وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، هل أستطيع أن أطلق زوجتي لأذهب إلى طلب العلم؟

فأجابوا: "الزواج من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبه يكمل المرء دينه، حيث يغض بصره ويحفظ فرجه، فلا ينبغي لك أن تطلق زوجتك، والزواج لا يمنعك من طلب العلم إذا وجد منك قوة العزيمة" انتهى.

"فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٠ / ٥) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

هناك طالب علم شرعي يريد أن يتزوج ولكنه يخشى إن تزوج أن يتعطل وينشغل عن طلب العلم، فما نصيحتكم له؟ وماذا تشيرون عليه إذا أراد ترك الدراسة للجهاد؟

فأجاب رحمه الله:

"الزواج لا يعوق عن طلب العلم، بل ربما يعين على طلب العلم؛ قد يوفق الإنسان لامرأة تقرأ وتكتب وتساعده، فإن لم تكن فأقل ما يكون أن يذهب عنه الوساوس والتفكير في الزواج، فالزواج يعين على طلب العلم" انتهى.

"لقاء الباب المفتوح" (٤٨ / ١٨) .

ثم ينبغي أن تعلمي أن القدر الواجب تحصيله من العلم، لا يحتاج إلى تأخير الزواج، لأن هذا القدر لا يحتاج إلى سنوات لتحصيله، بل يستطيع المسلم تحصيله في مدة يسيرة جداً، وستجدين بعد الزواج إن شاء الله من الوقت ما تستطيعين تحصيل العلم الشرعي فيه.

فالنصيحة لك: إذا تقدم لك من هو مرضي الدين والخلق أن تقبليه.

ونسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ويوفقك للعلم النافع والعمل الصالح.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>