للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دعاء دخول القرية

[السُّؤَالُ]

ـ[ما هي الصيغة الصحيحة لدعاء دخول القرية؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

الحديث الوارد في دعاء دخول القرية يرويه صهيب رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرَ قَرْيَةً يُرِيدُ دُخُولَهَا إِلَاّ قَالَ حِينَ يَرَاهَا:

(اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمَا أَظْلَلْنَ، وَرَبَّ الأَرَضِينِ السَّبْعِ وَمَا أَقْلَلْنَ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضْلَلْنَ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا ذَرَيْنَ، فَإِنَّا نَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ وَخَيْرَ أَهْلِهَا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا)

رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٥/٢٥٦) والحاكم في "المستدرك" (١/٦١٤) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وابن خزيمة في صحيحه (٤/١٥٠) ، وابن حبان في صحيحه (٦/٤٢٦) ، وحسنه الحافظ ابن حجر كما ذكره ابن علان في "الفتوحات الربانية" (٥/١٤٥) ، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": (١٠/١٣٧) : رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن. وحسنه الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (٢٦/٤٦) ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/٢٧٥٩)

وقد بوَّب النسائي على هذا الحديث بقوله: " الدعاء عند رؤية القرية التي يريد دخولها "، وقال ابن خزيمة: " باب الدعاء عند رؤية القرى اللواتي يريد المرء دخولها "، وقال ابن حبان: " ذكر ما يقول المسافر إذا رأى قرية يريد دخولها ". أما البيهقي في "السنن الكبرى" (٥/٢٥٢) فبوب عليه بقوله: " باب ما يقول إذا رأى قرية يريد دخولها "، كما توارد الفقهاء على ذكر هذا الدعاء عند رؤية القرية التي يريد دخولها. وانظر في ذلك: "فتح القدير" (٣/١٨٤) ، "المجموع" (٤/٢٧٨) ، "كشاف القناع" (٢/٤٠٠)

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن استعمال هذا الدعاء عند دخول المدن، هل هي مثل القرية، فأجاب:

" كلها واحد، المدينة والقرية، وتسمى المدينة قرية، قال تعالى: (ولتنذر أم القرى) : وهي مكة." انتهى.

شريط "شرح الوابل الصيب" (١٩:٥٣)

يقول الدكتور عبد الرزاق البدر:

" القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس من المساكن والأبنية والضياع، وقد تطلق على المدن كما في قوله تعالى: (واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون) ، فقد قيل إنها أنطاكية، ويقال لمكة أم القرى، وعليه فإن هذا الدعاء يقال عند دخول القرية أو المدينة.

وقوله: " اللهم رب السموات السبع وما أظللن " فيه توسل إلى الله عز وجل بربوبيته للسموات السبع وما أظلت تحتها من النجوم والشمس والقمر والأرض وما عليها، فقوله: " وما أظللن " من الإظلال: أي: ما ارتفعت عليه وعلت وكانت له كالظلة.

وقوله: " ورب الأرضين السبع وما أقللن " من الإقلال، والمراد: ما حملته على ظهرها من الناس والدواب والأشجار وغير ذلك.

وقوله: " ورب الشياطين وما أضللن " من الإضلال، وهو الإغواء والصد عن سبيل الله، قال الله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا) النساء /١١٧-١٢٠

وإذا علم العبد أن الله عز وجل رب كل شيء ومليكه، وأنه سبحانه بكل شيء محيط، وأن قدرته سبحانه شاملة لكل شيء، ومشيئته سبحانه نافذة في كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لجأ إليه وحده، واستعاذ به وحده، ولم يخف أحدا سواه.

وقوله: " ورب الرياح وما ذرين يقال: ذرته الرياح وأذرته وتذروه، أي: أطارته، ومنه قوله تعالى: (فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا) .

وقوله: " فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها "، فيه سؤال الله عز وجل أن يجعل هذه القرية مباركة عليه، وأن يمنحه من خيرها، وأن ييسر له السكنى فيها بالسلامة والعافية، " وخير أهلها " أي: ما عندهم من الإيمان والصلاح والاستقامة والتعاون على الخير ونحو ذلك، " وخير ما فيها " أي: من الناس والمساكن والمطاعم وغير ذلك.

وقوله: " ونعوذ بك من شرها وشر أهلها، وشر ما فيها " فيه تعوذ بالله عز وجل من جميع الشرور والمؤذيات، سواء في القرية نفسها أو في الساكنين لها، أو فيما احتوت عليه.

فهذه دعوة جامعة لسؤال الله الخير والتعوذ به من الشر بعد التوسل إليه سبحانه بربوبيته لكل شيء " انتهى.

"فقه الأدعية والأذكار" (٣/٢٧٠-٢٧٢)

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>