كيف تعرِّف أولادها الصغار على الإسلام وتحببهم به؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اعتنقت الإسلام - والحمد لله - ولدي ثلاثة أطفال، وأنحدر من أسرة مسيحية " تسامحت " في حقيقة كوني مسلمة. وسؤالي هو: كيف أطلع أطفالي على الإسلام، حيث يبلغ أحدهم من العمر ١١ عاماً والآخر ٨ أعوام في حين تبلغ الفتاة ٥ أعوام دون أن أتسلط عليهم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحمد لله الذي وفقك للدخول في دين الإسلام، ونسأله تعالى أن يثبتكِ، وأن يهدي أهلكِ للدخول في هذا الدين.
ونوصيكِ بعدم التهاون والكسل في هدايتهم وإرشادهم، بالتي هي أحسن، فلعل الله أن يفرح قلبك بدخولهم الإسلام، وتكتب لك مثل أجور أعمالهم.
ثانياً:
وقد أحسنتِ بالسؤال عن أولادك، وعن طريقة تربيتهم على الإسلام، وقد جعل الله تعالى على الوالدين مسؤولية عظيمة في تربية أولادهم.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا) . رواه البخاري (٨٥٣) ومسلم (١٨٢٩) .
قال ابن القيم - رحمه الله -:
" فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركَه سدًى: فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبَل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءَهم كباراً " انتهى.
" تحفة المودود " (ص ٢٢٩) .
ثالثاً:
ومما ننصحك به في مجال تربية أولادك على التعرف على الإسلام ومحبته:
١. ربطهم باللغة العربية، وإدخال محبتها لقلوبهم؛ لأنها مفتاح مهم لفهم الإسلام ومحبته.
٢. تعريفهم على أصدقاء في أعمارهم من جنسهم من المسلمين المحافظين على شعائر الإسلام، ومن الضروري أن يكون هؤلاء على خلق واستقامة؛ حتى يتأثر بهم أولادك، ويكونوا لهم قدوة في استقامتهم والتزامهم بالشرع وتعاملهم مع والديهم.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً) رواه البخاري (١٩٩٥) ومسلم (٢٦٢٨) .
٣. تعليق قلوب الذكور بالمسجد، وذلك بالحث على الصلاة، وحضور حلق العلم، وحبذا أن يكون مع ذلك تشجيع منك بالهدايا والجوائز كلما قطع واحد منهم شوطاً في تلك الحلَق.
ولا بأس أن تذهب معهم إلى المسجد لتحببهم في بيوت الله، والصلاة
وإن لم يتيسر لهم الذهاب للمسجد لبُعده، أو عدم أمن الطريق: فلا تفرطي في تعليمهم الصلاة في أوقاتها في المنزل، وقد أُمرتِ بتعليم من بلغ السابعة منهم بالصلاة أمراً لازماً، وما قبل هذا العمر فيعلَّم لكن ليس على وجه الإلزام.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رواه أبو داود (٤٩٥) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
٤. إسماعهم القرآن الكريم بأصوات حسنة محببة للنفوس؛ حتى يكون للقرآن شأن عظيم في قلوبهم، وكتاب الله تعالى كتاب هدى ونور للناس، فهو ينير لهم طريقهم، ويثبتهم على الصراط المستقيم بإذن الله تعالى.
٥. مشاهدة الأفلام الكرتونية ذات الصبغة الإسلامية؛ ليقارن بين ما يشاهده فيها ويسمعه منها، بما يكون في غيرها، وهنا يكون لكم دور مهم في تبيين الفروقات، وأن الإسلام يحث الناس على الخير والصلة والبر والرحمة، ويحذر من الشر والقطيعة والفساد والقسوة.
٦. إطلاعهم على مواقع إسلامية نافعة لهم، وذلك بحسب أعمار كل واحد منهم، مع الحذر من فتح المجال لهم للدخول بحريتهم، بل يكون ذلك عن طريقك أنت.
٧. ومما ينبغي لك التفكير به مليّاً وهو يعينك على ما تصبين إليه: الذهاب بهم لأداء مناسك العمرة، وزيارة بيت الله الحرام، وقد وُجد لهذه الزيارات أثر بالغ على نفوس الشباب، كما هو الحال للكبار.
٨. تعليمهم مبادئ العقيدة بشكل ميسر يتناسب مع أعمارهم، وذلك مثل وحدانية الله تعالى، وأنه يسمعهم، ويبصرهم، وأنه يثيب من يحسن التصرف ويلتزم بأحكام الإسلام.
فلم يمنع صغر سن عبد الله بن عباس من أن يقول له صلى الله عليه وسلم كلمات بليغات في التوحيد والعقيدة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ) رواه الترمذي (٢٥١٦) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وانظري – للأهمية - جواب السؤال رقم: (٢٢١٧٥) .
٩. إحضار القصص المناسبة لأعمارهم عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، حتى يعلموا أنهم ينتسبون لخير دين، وخير نبي، وخير أمة.
وانظري – للأهمية -: جوابي السؤالين: (٢١٢١٥) و (٢٢٤٩٦) .
١٠. إدخالهم مدارس إسلامية، وتجنيبهم المدارس الفاسدة، ومن شأن المدارس الإسلامية العناية بهم اعتقاداً وسلوكاً، ويرجع اختيار أفضلها لكِ بحسب ما ترينه.
وانظري جواب السؤال رقم: (٣٨٢٨٤) .
ولا ينبغي لك الغفلة عن أمرين مهمين:
الأول: الدعاء بأن يصلحهم الله، ويهديهم، ويوفقهم، فدعاؤك سبب عظيم تفعلينه لإصلاحهم وهدايتهم، فلا تغفلي عنه، ولا تقللي من شأنه.
والثاني: أن تكوني أنتِ قدوة صالحة لهم في حسن تعاملهم معهم، ورحمتك بهم، ولا يكون ذلك من منطلق الأمومة فقط، بل ومن منطلق كونك مسلمة، ملتزمة بشرع الله تعالى.
ونسأل الله أن يوفقك لما تسعين له من خير، وأن يهدي أولادك لما يحب ويرضى.
وينظر – للاستزادة -: أجوبة الأسئلة: (١٠٠١٦) و (٢٢١٥٠) و (٤٢٣٧) – مهم – و (٢٢٩٥٠) و (١٠٢١١) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب