للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأمرها أن تصافح الرجال ويهددها بالطلاق إن لم تفعل!!

[السُّؤَالُ]

ـ[زوج أمر زوجته بأن تصافح الرجال وهو مصر على ذلك بشدة وقد يصل الأمر إلى الطلاق ولهما ابنة والزوجة ترفض. فماذا تفعل الزوجة؟ وبماذا تنصحونهما؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية، ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك.

وقد دل على تحريم المصافحة روى البخاري (٤٨٩١) ومسلم (١٨٦٦) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: (وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ صلى الله عليه وسلم يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلا بِقَوْلِهِ: قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ) .

فهذا المعصوم خير البشرية وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم لا يمس النساء، مع أن الأصل في البيعة أن تكون باليد، فكيف بغيره من الرجال؟!

وعن أميمة ابنة رقيقة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) .

رواه النسائي (٤١٨١) وابن ماجه (٢٨٧٤) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٥١٣) .

وعن معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (٥٠٤٥) .

وهذا صريح في التحريم.

قال الخرشي في شرح مختصر خليل (١/٢٧٥) : " وأما مصافحة المرأة لغير المحرم فلا يجوز والله أعلم " انتهى.

وفي حاشية العدوي على شرح الرسالة (٢/٤٧٤) : " لا يجوز أن يصافح الرجل المرأة ولو كانت متجالة " انتهى.

والمتجالة: العجوز التي لا تشتهى ونحوها.

وفي "الموسوعة الفقهية" (٢٩/٢٩٦) : " لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز مس وجه الأجنبية وكفيها وإن كان يأمن الشهوة..... هذا إذا كانت الأجنبية شابة تشتهى. . . وذهب المالكية والشافعية إلى تحريم مس الأجنبية من غير تفرقة بين الشابة والعجوز " انتهى.

ثانيا:

لا يجب على الزوجة أن تطيع زوجها إذا أمرها بمصافحة الأجانب، بل لا يجوز لها ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وعلى هذا الزوج أن يتقي الله تعالى، وأن يحذر من غضبه وأليم عقابه، فإن أمره هذا مضاد لأمر الله تعالى، وتسلطه على زوجته وتهديها بالطلاق ظلم لها، وكان الأولى به أن يفرح بطاعتها لربها، وأن يعينها على ذلك.

ثالثا:

إذا أصر الزوج على موقفه، وهدد بالطلاق، وعزم على ذلك، فالذي يظهر والله أعلم أن الزوجة لها أن تصافح الرجال من وراء حائل، ارتكابا لأهون الشرين، ودفعا لأعظم المفسدتين، وعليها أن تقلل من احتمال ملاقاة الرجال ما أمكن حتى تتفادى المصافحة، مع الاجتهاد في نصح الزوج وتبين الحق له، حتى يرجع عن رأيه.

فإن لم يقنع الزوج بذلك، وأصر على أن تصافح من غير حائل، فلا تطعه، ولتصبر ولتحتسب، وإن وقع الطلاق، لا سيما إذا كانت هذه هي الطلقة الأولى، ولعل الزوج يعود إلى رشده إذا وقع الطلاق، وأيقن أنه سيهدم بيته بيده، في أمر محرم.

وينبغي مع ذلك أن يستعان بأهل الصلاح من قومه أو قومها لحل النزاع، وإقناع الزوج بالعدول عن موقفه، وتذكيره بتقوى الله تعالى ومراقبته.

ولتوقن الزوجة أن الله تعالى جاعل لها فرجا ومخرجا، فإنه سبحانه لا يضيع أهل طاعته، ويدافع عن أوليائه.

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>