هل صحت أدعية خاصة تقال في الامتحانات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة بعض الأدعية قبل الامتحان وبعده مثل دعاء بداية المذاكرة " اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين أن تجعل لساني عامراً بذكرك وقلبي خاشعاً بخشيتك وسري بطاعتك فأنت حسبي ونعم الوكيل "، وعند الخروج من المنزل والتوجه إلى الاختبار " اللهم إني توكلت عليك وأسلمت أمري إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك "، وعند نهاية الإجابة " الحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله "، عند تعثر الإجابة " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "، وغيرها كثير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يَرِدْ في السُّنة أحاديث فيها بيان ما يقال في الامتحانات، وما يشاع بين الطلاب مما يقال في " المذاكرة " وعند " استلام ورقة الامتحانات " وعند " تعثر الإجابة " وعند " تسليم الورقة " وغيره: كله مما لا أصل له في السنة النبوية المطهرة , لا في الصحيح ولا في الضعيف، بل كله موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم.
ونسبة شيء من ذلك للسنة مع علم صاحبه بعدم ثبوته يدُخله في زمرة الكاذبين على النبي صلى الله عليه وسلم.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كذِباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، مَن كذب عليَّ متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري (١٢٢٩) ومسلم (٤) .
ومن أشاع هذه الأحاديث المكذوبة ومثيلاتها وهو يعلم أنها لا تصح نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم: فهو كاذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وإثمه إثم مفتريها وكاذبها.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن حدَّث عنِّي بحديثٍ يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) رواه مسلم في " مقدمة صحيحه ".
قال النووي رحمه الله:
" ضبطناه " يُرى " بضم الياء، و " الكاذِبِينَ " بكسر الياء وفتح النون على الجمع، وهذا هو المشهور في اللفظين، قال القاضي عياض: الرواية فيه عندنا الكاذبين على الجمع , ورواه أبو نعيم الأصبهاني في كتابه المستخرج على صحيح مسلم في حديث سمرة " الكاذِبَيْنِ " بفتح الياء وكسر النون على التثنية، واحتج به على أن الراوي له يشارك البادي بهذا الكذب " انتهى.
" شرح مسلم " (١ / ٦٤، ٦٥) .
وقد ثبت الدعاء عند الخروج من المنزل لكن لا كما ذكره السائل، وثبت حديث " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث "، وثبتت أحاديث تقال عند الشدة والكرب، وكل ما سبق يشمل الامتحانات وغيرها من الشدائد والمصاعب، وهذه هي الأحاديث مخرجة:
أ. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قال - يعني: إذا خرج من بيته – بسم الله , توكلت على الله , لا حول ولا قوة إلا بالله: يقال له: كُفيت ووُقيت وتنحى عنه الشيطان) رواه أبو داود (٥٠٩٥) والترمذي (٣٤٢٦) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ب. عن أنس بن مالك أيضاً رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمرٌ قال: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) رواه الترمذي (٣٥٢٤) ، وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (٣١٨٢) .
ج. عن أنس أيضاً رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً) رواه ابن حبان (٣ / ٢٥٥) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (٢٨٨٦) .
د. وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له) رواه الترمذي (٣٥٠٥) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (١٦٤٤) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
أبعث إليكم ورقة أرسلتها إلي إحدى المعلمات، وقد وجدتها متداولة بين بعض الطالبات أثناء فترة الاختبارات الدراسية، هذه الورقة بعنوان: " دعاء المذاكرة والنجاح - بإذن الله - "، وتشتمل هذه الورقة على أدعية وأوراد افتعلها كاتبها، وأخذها إما من بعض آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، ولكنه جعل لها مواضع تقال فيها، لم يرد بها دليل أو أثر، أرفعها إليكم لعلي أن أحظى منكم بتنبيه أو توعية للناس على خطأ هذا الكلام الذي جاء بهذه الصورة.
جعلكم الله عونا للحق وناشرين له، وجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين، وقد جاء في الورقة المذكورة ما يلي:
" بسم الله الرحمن الرحيم، دعاء المذاكرة والنجاح - بإذن الله - قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا أحمل هم الإجابة ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا وفقت في الدعاء أعطيت الإجابة "، ونحن على أبواب الامتحان هداني الله لجمع هذه الأدعية والتوجه بها إلى الله في أوقات المذاكرة، وعند الامتحان، وفي حال النسيان.
دعاء قبل المذاكرة: اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين، اللهم اجعل ألسنتنا عامرة بذكرك، وقلوبنا بخشيتك، وأسرارنا بطاعتك، إنك على كل شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
عند دخول الامتحان: رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
دعاء بعد المذاكرة: اللهم إني استودعتك ما قرأت وما حفظت وما تعلمت فرده عند حاجتي إنك على كل شيء قدير.
عند بداية الإجابة: رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، باسم الله الفتاح، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا يا أرحم الراحمين.
عند التوجه للامتحانات: اللهم إني توكلت عليك وفوضت أمري إليك ولا ملجأ ولا منجى إلا إليك.
عند تعسر الإجابة: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين.
عند النسيان: اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع علي ضالتي.
بعد أن ينتهي من الإجابة يقول: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
فأجابوا:
" هذه الأدعية الموضوعة للمذاكرة والنجاح والمنوعة لكل حالة تعرض للطالب أثناء المذاكرة: أدعية مبتدعة، لم يرد في تخصيصها بما ذكر دليل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما ذكر فيها من آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو آثار، إنما وردت لأسباب: إما خاصة بها، أو عامة لسؤال الله ودعائه والتضرع له والالتجاء إليه والتوكل عليه سبحانه في كل أمور الإنسان التي تعرض له أما تخصيصها بما ذكر فلا يجوز، ويجب ترك العمل بها لهذا الخصوص، وعدم اعتقاد صحتها فيما ذكر، والدعاء عبادة لله، فلا يصح إلا بتوقيف، وينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يدعو الله بأن ييسر له أموره كلها، وأن يزيده علما وفقها في الدين، وأن يلهمه الصواب، ويذكره ما نسي، ويعلمه ما جهل، ويوفقه لكل خير، ويذلل له كل صعب، دون أن يجعل لكل حالة دعاء مبتدعا يواظب عليه، وذلك أسلم له في دينه وأحرى أن يستجيب الله لدعائه، ويوفقه لكل خير، فالله سبحانه وتعالى وعد من دعاه بالإجابة والتوفيق للهداية والرشاد، وشرط لذلك الاستجابة لما شرع الله والإيمان به سبحانه، والاستقامة على دينه كما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) .
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (٢٤ / ١٨٣ – ١٨٦) .
والخلاصة: أنه لا يجوز اختراع أدعية ونسبتها للشرع، وما صح من الأحاديث التي تقال في الشدة والكرب كافٍ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب