هل للمرأة أن ترضع ولدها أمام محارمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تبدي ثديها أمام محارمها لكي ترضع طفلها إذا أمنت الفتنة أو لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين، قال الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/٣١.
فأباح الله للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها (زوجها) ومحارمها، والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق.
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسيره: " ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع.....، فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع، وهي مواضع الزينة الباطنة؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة. وروي عن ابن مسعود والزبير: القرط والقلادة والسوار والخلخال ...
وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج، ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريما مؤبدا، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم، مثل زوج الابنة، وأم المرأة، والمحرمات من الرضاع ونحوهن " انتهى.
وقال البغوي رحمه الله: " قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال، والخضاب في الرِّجْل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة " انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (٥/١١) : "ولرجل نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه. قال القاضي على هذه الرواية: يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى بتصرف.
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها، قال القرطبي رحمه الله: " لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها. وتختلف مراتب ما يُبدى لهم، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج " انتهى.
وبناء على ذلك فيلزم المرأة ستر ثدييها إذا أرادت أن ترضع ولدها في وجود أحد محارمها، فتلقم ابنها الثدي من تحت غطاء ونحوه، وهذا من حيائها وحرصها على الستر.
ولمزيد من الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (٣٤٧٤٥) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب