نصرانية تسأل عن صحة زواجها من مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة نصرانية، وقد تزوجب منذ فترة قريبة بمسلم. وبسبب اختلاف عقائدنا، فقد تم عقد زواجنا في دار العدل، الذي يقابل المسجد (عندكم) . فهل ينظر الإسلام إلى هذه الزيجة على أنها صحيحة "حقيقية"؟ لقد بحثت عن هذا، وتفاجأت عندما قرأت أن الإسلام لا يعترف ولا يعتبر (مثل) هذا زواجا حقيقيا صحيحا؟ أرجو أن تؤكد هذا.. أنا أحب هذا الرجل كثيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: إذا تم النكاح بوجود:
١ـ الإيجاب من ولي أمرك ـ وهو أبوك أو من يقوم مقامه إن لم يوجد بشرط أن يكون على دينك ـ وذلك بأن يقول ـ مثلاً ـ زوجتك ابنتي.
٢ـ والقبول من الزوج بأن يقول ـ مثلاً ـ قبلت.
٣ـ وأن يكون العقد بحضور شاهدين مسلمين.
فإن النكاح صحيح، (لمزيد من التفصيل حول شروط النكاح يراجع السؤال رقم ٢١٢٧ وكذلك ملف شروط النكاح الموجود في الصفحة.) ، وإذا نقص شرط من هذه الشروط فإن النكاح لايصح، ويلزمكما إعادة العقد من جديد. ومكان العقد لا يؤثّر في صحة النكاح
ثانياً: لقد لفت هذا السؤال انتباهنا وذلك لحرصك أيتها السائلة الحصيفة على معرفة أحكام الدين الإسلامي الحنيف في هذه القضية،ولعل هذا يكون سبباً للبحث عن الحقيقة الأكبر، والأهم وهي ما هو دين الحق؟
فاسمحي لنا أيتها السائلة أن نتوجه لك بهذه الأسئلة:
هل تريدين الحياة السعيدة؟ وهل تفكرين في الطمأنينة؟ وهل تبحثين عن الحقيقة؟
وهل تريدين لأولادك حياةً مستقيمة؟؟؟؟؟
إذاً فاعلمي هدانا الله وإياك إلى الحق ...
أن الله خلق الخلق لغاية عظيمة، ألا وهي عبادة الله وحده لا شريك له، قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أُريد منهم من رزق وما أُريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) سورة الذاريات (٥٧) .
فأرسل الله الرسل لدعوة الناس إلى هذه الغاية، قال الله تعالى: " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) .
ثم ختم الرسالة بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام فكان آخر الأنبياء والرسل قال الله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) سورة الأحزاب/٤٠.
وقال الله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ الله وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) سورة الفتح/٢٩.
وكان من حكمة إرسال الرسل هو إقامة الحجة على الناس لئلا يقولوا ما جاءنا من رسول ولم يُخبرنا أحدٌ بأمر الله لنا بعبادته قال الله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا، وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا، رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) سورة النساء/١٦٣-١٦٥.
فنحن ندعوك أيتها السائلة وندعوا كل من لا يدين بدين الإسلام أن يبادر بامتثال أمر الله بالإيمان به وحده لا شريك له والإيمان بنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله للخلق أجمعين من إنسٍ وجن، فقد أمرهم الله بذلك في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى الله إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا اْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِالله وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِالله وَكِيلاً) سورة النساء/١٧٠-١٧١.
وقد أخبر الله في كتابه الكريم (القرآن) بأنه لا يقبل من أحدٍ ديناً سوى دين الإسلام، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنْ الْخَاسِرِينَ) سورة آل عمران/٨٥، وقال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) سورة آل عمران/١٨-١٩.
ثم لا تنسي أن إسلامك أفضل للأولاد أيضاً حتى لا يقعوا في شتات ذهني وعذاب نفسي فيقولوا أبونا مسلم وأمنا نصرانية فبمن نقتدي؟
ولعل المزيد من التأمل والتعقل يقود إلى نتيجة طيبة بإذن الله، واحرصي أن تقرئي ترجمة صحيحة للقرآن الذي يعتبر معجزة نبي الإسلام، ثم اقرئي سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف أن الله جعل العاقبة الحميدة له ولأصحابه، وكيف أجرى الله على يديه المعجزات من خوارق العادات، كنبع الماء من بين أصابعه وانفلاق القمر فلقتين عندما طلب منه المشركون آية فأمر القمر أن ينفلق، فانفلق فلقتين، وغير ذلك مما هو موجود في السيرة، وكذلك إخباره عن المغيبات التي لايمكن أن تُعلم إلا عن طريق الوحي كإخباره بفتح مملكة الفرس والروم قبل فتحهما، وغير ذلك مما يدل على نبوته. نسأل الله الهداية للجميع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد