هل يرشي الشرطي لئلا يعطيه مخالفة على تكلمه بالجوال في السيارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا إذا تكلمت بالهاتف النقال أثناء قيادة السيارة يخالفك شرطي المرور بمخالفة قدرها ٥٠٠ دينار، فهل تعطي رشوة لإعفائك منها إذا كان معك مال أو لم يكن لديك مال مع العلم إذا لم يكن لديك مال فستسجن فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت الشرائع الربانية بحفظ الضرورات الخمس: الدين والعقل والنفس والمال والعرض، ومما لا شك فيه أن الالتزام بقواعد السير وأنظمة المرور مما يساهم في الحفاظ على النفس والمال، وعليه: فإن الشريعة الإسلامية تُلزم المسلمين بالالتزام بهذه القواعد والأنظمة، وخاصة أنه ليس فيها ما يخالف الشرع، إنما هي للحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم.
وليست مخالفة هذه القواعد والأنظمة مما يعود ضرره على السائق وحده، بل إنه يتعدى ذلك إلى غيره من الناس، فالحوادث التي تحصل في الطرق نتيجة مخالفة تلك القواعد والأنظمة يكون فيها – غالباً – أطراف متعددة، وهذا يزيد من مسئولية المخالف ويشغل ذمته بأحكام متعددة كالدية والصيام وتعويض الضرر وغيرها.
وتعزير المخالف بدفع الغرامة المالية جائز شرعاً، وهو قول إسحاق بن راهويه وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وابن فرحون من المالكية، وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، بل قد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه " الطرق الحكمية " أدلة كثيرة على جواز التعزير بالمال، ونقل كلام شيخ الإسلام فيه، ورد على من قال بنسخه.
وفي " حاشيته على تهذيب سنن أبي داود " (٤ / ٣١٩) قال:
" وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت نسخها بحجة وعَمِل بها الخلفاء بعده " انتهى
وينبغي أن تكون الغرامة معقولةً بحيث تحصل المصلحة المقصودة منها، وهي ردع الناس عن هذه المخالفة، ولا بأس بأن تكون مرتفعة بحسب طبيعة المخالفة وقوة أثرها على النفس والآخرين.
وانظر هذه المسألة في جواب السؤال رقم (٢١٩٠٠) .
ومما لا شك فيه أن استعمال السائق للجوال أثناء قيادة السيارة مما يسبب حوادث قد تؤدي إلى إزهاق أرواح، فضلاً عن إتلاف أموال.
وقد تنادى العقلاء في كل أرجاء الأرض إلى ضرورة التشديد في العقوبة لمنع استعمال الجوال أثناء القيادة، وقد قامت أبحاث ميدانية في " بريطانيا " تبيَّن بها أن التأثير السلبي لاستعمال الجوال يفوق ما تحدثه الخمور من تأثير على قدرة السائق في التحكم بالسيارة!
وهذه الأبحاث بيَّنت أن قائد السيارة الذي يستعمل الهاتف الجوال أثناء القيادة أقل تحكماً بالقيادة بنسبة ثلاثين بالمائة بالمقارنة بمن يقودها وهو في حالة السكر!! أما بالمقارنة مع الشخص العادي فإن تحكم من يستعمل الهاتف الجوال أثناء القيادة أقل بنسبة خمسين بالمائة!
بل إن بعض الخبراء يقولون: إن استعمال السائقين للجوال أثناء قيادة سياراتهم حتى ولو كان عن طريق سماعات الأذن فإنه يضاعف احتمالات وقوع حوادث بنسبة ٤٠٠ بالمائة!
وانظر تفصيل ذلك في " جريدة الوطن " القطرية، الأربعاء ٢٠ / ٧ / ٢٠٠٥.
والخلاصة: أن استعمال الهاتف الجوال أثناء قيادة السيارة سبب رئيس لحصول الحوادث، فترتيب عقوبة على هذه المخالفة سواء كانت بتغريم مال، أو السجن له ما يبرره، وعليه: لا يجوز لك دفع رشوة للشرطي حتى لا يوقع عليك هذه العقوبة، لأنك أنت المقصّر والمتعدي، إلا إذا كان الشرطيّ ظالماً، بحيث ادَّعى عليك شيئاً لم تفعله، فلا حرج في هذه الحالة إذا لم تستطع التخلص من ظلمه إلا بدفع رشوة له أو لغيره، وانظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم (٧٢٢٦٨)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب