للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكم شراء البضائع المصادَرة من الجمارك

[السُّؤَالُ]

ـ[هل يجوز لي شراء سيارة محجوزة من " الديوانة " إن كانت دخلت بطريق غير قانونية، أو فرّط فيها صاحبها لعدم قدرته على تسديد مستحقاتها لـ " الديوانة "، أو من تلقاء نفسه لكي لا توظف عليه، مع العلم عند البيع بالمزاد العلني، أو قبله، لا يمكنك أن تعرف وضعية كل سيارة؟]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

" الديوانة " هي ما يسمَّى " الجمرك " في دول المشرق، والأصل أن العمل في " الجمارك "، وتحصيل الرسوم على ما يجلبه المسلمون من بضائع أو أمتعة: أنه حرام؛ أجوبة الأسئلة: (٣٩٤٦١) و (٤٢٥٦٣) و (٩٣٠٨٨) .

وأما أخذ الجمارك من غير المسلمين فهو جائز، كما سبق بيان ذلك في السؤال رقم (١١١٨٨٦) .

والبضائع التي تتم مصادرتها في الجمارك لا تخلو من حالين:

الأولى:

أن تكون هذه المصادرة بحق، كما لو كانت لغير مسلم ولم يدفع الجمارك المفروضة عليه.

أو كانت غير مطابقة للمواصفات المسموح بها، وأراد صاحبها تهريبها إلى داخل البلاد.

أو لم يمكن التعرف على صاحبها.... ونحو ذلك من الأسباب الصحيحة التي يمكن بسببها مصادرة هذه البضائع.

وفي هذه الحالة لا بأس بشرائها إذا عرضت في المزاد، لأنها خرجت من ملك أصحابها على وجه مباح.

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

"ما يؤخذ غرامة على المخالفين في بعض البضائع، إذا دخلوا بها وصودرت منهم: فهل يجوز أن تُشتَرى من الجهات المسؤولة أو لا؟ الجواب: نعم، يجوز أن تُشترى؛ لأنها الآن خرجت عن ملك أصحابها بمقتضى العقوبة، والعقوبة المالية جائزة في الشريعة، ولها وقائع وقعت في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فيجوز أن يشتريها الإنسان، وتدخل ملكه، ولا حرج عليه في ذلك، كالمغصوب إذ جُهِلَ مالكه وبِيعَ وتُصُرِّف فيه على وجه جائز: فلا حرج أن يشتريه.

فإن قال قائل: أنا أعلم رب هذه العين التي صودرت أنه فلان، فكيف يجوز لي أن أشتريها؟! نقول: نعم؛ لأنها أُخذت بحق، أما لو جاءتك وهي مسروقة تعرف أنها سرقت: فهنا لا يجوز أن تشتريها، لكن إذا صودرت عقوبة: فقد أخذت بحق؛ لأن لولي الأمر أن يعاقب من خالف ما يجب عليه بما يرى أنه أردع وأنفع، ولولا هذا لكانت الأمور فوضى وصار كل إنسان يعمل على ما يريد، وهذا لا يمكن، ولذلك نرى أن الأنظمة التي ليس فيها مخالفة للشريعة، وإنما هي اجتهادية: أنه يجب اتباعها؛ امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء/ ٥٩" انتهى.

" الشرح الممتع " (١٠ / ١٩٥، ١٩٦) .

الحالة الثانية:

أن تكون المصادرة بغير حق، كما لو كانت البضائع لمسلم وصودرت لعجزه عن دفع الجمارك.

وفي هذه الحالة لا يجوز شراؤها، لأنها لا تزال ملكاً لصاحبها، وتم أخذها منه غصباً.

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:

"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة أو مغصوبة، أو أن من يعرضها لا يملكها ملكاً شرعياً، وليس وكيلاً في بيعها، فإنه يحرم عليه أن يشتريها؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي، ولما في ذلك من ظلم للناس وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/٢ " انتهى.

فتاوى اللجنة الدائمة" (١٣/٨٢) .

وإذا لم يمكن معرفة هل هذه البضائع مصادرة بحق أم بغير حق؟ وكان ذلك في دولة أكثر أهلها مسلمون، فينبغي التورع عن شرائها، لأن الغالب أنها لأحد المسلمين وعجز عن دفع جماركها، ولا يغتر الإنسان برخص ثمنها، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>