للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان له ماضٍ سيء تاب منه وهي تشك بأنه باق على حاله فهل تفسخ الزواج منه؟

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا عمري ٢٧ سنة، مخطوبة من ٧ شهور للمرة الثانية - الأولى كانت سنتين -، قبلتُ بالشخص الثاني، وكان صريحاً من البداية اعترف لي بماضيه السيئ، وأنه تاب عنه، وصدَّقته، وبعد فترة: اكتشفت أنه يكلم صديقته التي كان يزنى معها، وحلف لي أنه لم يتم بينهم شيء، وأنه فعلاً تاب، وأن الشيطان وجدها أمامه لكي يرجع عن توبته، لكنه ما زال لا يريد فعل هذه الفحشاء، لكن المشكلة أني لا أصدقه، وطلبت فسخ الخطبة، ولكنه تأثر كثيراً، وهو للعلم يتيم الأبوين، ويعيش بمفرده، وهذا هو ما يجعلني أشك به أكثر – أي: عيشته وحده -، والمشكلة الأكبر أني غير قادرة على فسخ الخطبة نهائيّاً؛ بسبب أن هذه المرة الثانية، والمكان الذي أسكن به شعبي، سكانه لا ترحم، بعد فسخ الخطبة الأولى تعالجتُ نفسيّاً بسبب ما حدث من كل مما حولي، لذلك لا أريد ذلك ثانياً، أستخير ربنا، ولا أعرف، أمور تسير وأمور تقف، يوم أثق ويوم لا أثق، يوم أريده ويوم لا أريده، أخاف الله، وأتمنى زوجاً صالحاً، وأباً يراعي الله في أولاده، وفي زوجته، أخاف من ماضيه، وأخاف من تركه، الموضوع معلق، لا أستطيع حسم أمري، وفي حيرة شديدة، فماذا أفعل بالله عليكم؟ .]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولاً:

لم يكن لخطيبك أن يعترف لك بماضيه السيئ، وكان الواجب عليه أن يستتر بستر الله، ولا يفضح نفسه، لا أمامك، ولا أمام غيرك، وإخبار أحد الزوجين للآخر بماضيه السيئ من شأنه أن يفسد ما بينهما مستقبلاً، كما في حالات كثيرة جدّاً، وكما نبهنا عليه مراراً.

جاء في " الموسوعة الفقهية " (٢٤ / ١٧٠، ١٧١) :

يندب للمسلم إذا وقعت منه هفوة أو زلّة أن يستر على نفسه، ويتوب بينه وبين الله عزّ وجلّ وأن لا يرفع أمره إلى السّلطان، ولا يكشفه لأحد كائناً ما كان؛ لأنّ هذا من إشاعة الفاحشة الّتي توعّد على فاعلها بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) ؛ ولأنّه هتك لستر الله سبحانه وتعالى، ومجاهرة بالمعصية. قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورة، فمن ألمّ فليستتر بستر الله وليتب إلى الله، فإنّ من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) - رواه البيهقي (٨ / ٣٣٠) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم ٦٦٣ -.

وقال صلى الله عليه وسلم: (كلّ أمّتي معافىً إلاّ المجاهرين، وإنّ من المجاهرة أن يعمل الرّجل باللّيل عملاً ثمّ يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربّه ويصبح يكشف ستر الله عليه) - رواه البخاري (٥٧٢١) ومسلم (٢٩٩٠) – انتهى.

ثانياً:

أما بخصوص مسألتك: فالذي شعرنا به هو صدق خطيبك في إرادته التوبة، وأنه لو لم يكن كذلك لما أخبرك بماضيه، ولا أقسم لك على توبته؛ إذ ليس هناك ما يلزمه بهذا الاعتراف، واعترافه لك بحقيقة تكلمه مع تلك المرأة يدل – أيضاً – على صدقه، هذا ما ظهر لنا، وحسابه على الله، وإن كان استمرار كلامه معها يوقع في النفوس شيئاً من الشك، كما وقع في نفسك.

فمن أجل ذلك، ومن أجل ما عانيتِ منه في تجربتك الأولى: نرى أن تعيدي النظر في فسخ العلاقة بينكما، بل ننصح بتعجيل الزواج؛ حتى تقطعي الطريق على تلك المرأة أن تزين له إعادة العلاقة بينها وبينه.

ولو أننا شعرنا بأنه عابث، وكاذب، أو علمنا منه ترك الصلاة، أو فعل الفواحش: لما ترددنا بنصحك بتركه، ولو أدى ذلك إلى مرضك نفسيّاً، وبدنيّاً، فهو بكل حال خير من الاقتران بمثل ذلك الرجل، لكن مثل هذا لم يظهر لنا فنصحناك بالبقاء على العلاقة بينكما، والتعجيل في إتمام الدخول.

ولكن ... لابد من قطعه العلاقة نهائياً بتلك المرأة، ويتجنب مقابلتها أو الكلام معها، فإذا لم يفعل ذلك فالشك في توبته حينئذٍ له ما يبرره، ويكون زواجك به فيه شيء من المخاطرة.

هذا الذي ننصحك به، ونسأل الله أن لا يخيب زوجك ظننا به، كما نسأله تعالى أن يجمع بينكما على خير، وأن يؤلف بين قلبيكما، وأن يرزقكما الذرية الصالحة.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>