ـ[أنا شاب مسلم والحمد لله، أبي لديه مبلغ من المال وقد سمع فتوى الشيخ طنطاوي بتحليل فوائد البنك ووضع أمواله في البنك وبدأ يأخذ الفوائد، وأنا مقتنع أن هذه الفوائد حرام، وحاولت كثيراً إقناعه بالعدول عن هذه الفكرة ولكن دون جدوى.
فهل علي وعلى إخوتي وأمي أي ذنب حيث أني قد استحلفت أبي قبل ذلك ألا ينفق علينا من هذا المال الذي هو من الفوائد؟ وماذا يجب علينا أن نفعل؟ وإذا عاد إلينا هذا المال ماذا يجب أن نفعل؟ لقد رزقني الله بعمل في السعودية وقد دفع لي أبي تكاليف السفر ولا أعلم هل هذا المال من الفوائد أم لا؟ فهل ما يرزقني به الله من هذا العمل حرام أم لا؟ نرجو الإفادة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس على أولاد المرابي إثم إذا أكلوا من ماله الربوي البحت أو لبسوا منه أو سافروا به إذا لم يوجد لهم طريق آخر يتكسبون منه، وعليهم نصح والدهم بالطريق التي يغلب على ظنهم نفعها، فإذا تيسرت طرق أخرى للكسب أو لم يتحاجوا إلى هذا المال في ضروريات حياتها: وجب عليهم الاستغناء عنه.
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
إذا كان مكسب الوالد حراماً، فإن الواجب نصحه، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً، أو تستعينوا بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا الكسب الحرام، فإذا لم يتيسر ذلك فلكم أن تأكلوا بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة، لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام. (فتاوى إسلامية ٣/٤٥٢) .
وإذا مات الوالد المرابي وجب على ورثته التخلص من المال الربوي بإرجاعه إلى أهله إن عرفوهم وإلا فعليهم التخلص منه بتوزيعه في المصارف العامة والخاصة، فإن تعسر عليهم تحديد المبلغ الربوي في مال والدهم: قسموه نصفين فيأخذون النصف ويوزعون النصف الآخر.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل مرابٍ خلف مالاً وولداً، وهو يعلم بحاله، فهل يكون المال حلالاً للولد بالميراث أم لا؟
فأجاب: أما القدْر الذي يعلم الولد أنه ربا: فيخرجه، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدْر المشتبه يستحب له تركه إذا لم يجب صرفه في قضاء دين أو نفقة عيال، وإن كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء، جاز للوارث الانتفاع به، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين. (مجموع الفتاوى ٢٩/٣٠٧) .