للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هل إذا سمح لمن يُحضر الخمر معه ويشربه في مطعمه يكون آثماً؟

[السُّؤَالُ]

ـ[اشتريتُ مطعماً من شخص كافر، وانتقل تصريح المطعم باسمي تبعاً لذلك بما في ذلك تصريح شرب الخمر، ولكني لا أقدم إلا طعاماً حلالاً في مطعمي، ولا أبيع الخمر، إلا أن بعض الزبائن يأتي ليأكل في المطعم ويحضر قوارير الخمر معه، فهل أسمح لهم عمل ذلك أم لا؟ مع العلم أنهم لا يسيئون إلى بقية الزبائن، ولا يسيئون التصرف كذلك، وعندما ينتهي هذا التصريح سوف لن أجدده.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أ. صاحب المطعم مسئول شرعاً عما يحدث في مطعمه من معاصٍ يمكنه القضاء عليها، أو منع حصولها ابتداء، وتحريم الخمر ثابت بالكتاب والسنَّة والإجماع، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، وليس شاربها فقط.

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ) .

رواه الترمذي (١٢٥٩) وابن ماجه (٣٣٨١) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".

فهذا يدل على أن الإثم يشمل جميع من أعان على وجودها، ليتم شربها في نهاية المطاف.

ب. والجالس في مكانٍ يُكفر به بالله، أو يُفعل فيه منكر أو معصية: فهو مشارك لهم في الإثم إن استطاع تغيير المنكر ولم يفعل، أو استطاع مفارقة المجلس ولم يفعل، قال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/١٤٠. قال ابن كثير رحمه الله:

"أي: إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله ويستهزأ وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك: فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، فلهذا قال تعالى: (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) ، أي: في المأثم، كما جاء في الحديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يُدَار عليها الخَمْر) " انتهى.

" تفسير ابن كثير " (٢ / ٤٣٥) .

ج. وقد أمر الله تعالى المسلم بإنكار المنكر إذا رآه، أو علم وجوده، فكيف يلتقي هذا مع السماح لأولئك الزبائن بشرب الخمر في مطعمك؟! .

فعن أبي سَعِيد الخُدْري رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) .

رواه مسلم (٤٩) .

د. ومن صفات عباد الرحمن ما ذكره الله تعالى عنهم في قوله: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) الفرقان/٧٢.

ومن أقوال بعض العلماء – كالإمام الزهري - في معنى الزور: شرب الخمر.

انظر " تفسير ابن كثير " (٦ / ١٣٠) .

وعليه:

فينبغي لك القطع في الأمر بعدم السماح لأحدٍ أن يشرب الخمر في مطعمك، وإلا تحملت آثام أولئك الشاربين، فلا تتردد في الأمر، وستجد أثر هذا على دينك ورزقك إن احتسبت هذا الأمر لله تعالى.

والله أعلم

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>