للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال لزوجته: إن أخبرت أحدا فلست بذمتي

[السُّؤَالُ]

ـ[طلقت زوجتي طلقة واحدة وراجعتها، وبعد ذلك قلت لها إذا كلمت أمك عن مشاكل البيت لستي بذمتي، أخبرت أمها أيضاً، صار عندنا مشاكل أخرى وقلت لها لا تخبري أحداً، وإلا لستي بذمتي فأخبرت، وهي هداها الله ذات لسان، وهي وأنا نحس أنه بيننا حاجز، وأنا ليس لي رغبه بها، وعاشت معي خمسة وعشرين سنة بدون أطفال، أرشدوني.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

أولا:

قول الرجل لزوجته: لست بذمتي، هو من ألفاظ الكناية التي يقع بها الطلاق عند وجود نية الطلاق، وذلك أن الألفاظ التي يقع بها الطلاق نوعان، صريح وكناية:

فالصريح ما لا يفهم منه إلا الطلاق، كقول: أنت طالق.

والكناية ما يحتمل أن يكون المراد منه الطلاق أو غيره، كقوله: الحقي بأهلك، أو أنت برية أو خلية، أو لا حاجة لي في فيك، أو لست في ذمتي، ونحو ذلك.

ثانيا:

قولك لزوجتك: " لا تخبري أحداً وإلا لست بذمتي ":

إن كانت نيتك أنها تطلق في حال إخبارها، فإنها إذا أخبرت وقعت عليها طلقة واحدة رجعية، وإن كنت تريد تهديدها وتخويفها ومنعها من الإخبار، ولم يكن في نيتك الطلاق، فهذا له حكم اليمين، فتلزمك كفارة يمين في حال إخبارها.

ثالثا:

ينبغي أن تتجنب استعمال ألفاظ الطلاق، وأن تسعى لعلاج مشاكلك بدون ذلك، وأن تراعي ما بينكما من العشرة وطول المدة، وأن تراعي هي ذلك أيضا، وقد أمر الله تعالى الزوجين بحسن العشرة فقال: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/١٩، وقال سبحانه: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) البقرة/٢٢٨، وأرشد سبحانه إلى علاج ما يقع من الزوجة من نشوز فقال: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/٣٤، ٣٥.

وبَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن من توازن في نظرته لأهله، فقال: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم (١٤٦٩) .

وعن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلْعِ تَكْسِرْهَا، فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا) رواه أحمد (١٩٢٣٥) وابن حبان (١٣٠٨) وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢/١٦٣) .

ومن أعظم ما يعين على صفاء العيش بين الزوجين حسن الخلق، ولذا رفع الإسلام من شأنه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ النهاية والكمال في حسن تعامله وخلقه.

فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ) رواه الترمذي (٢٠٠٣) وأبو داود (٤٧٩٩) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا) رواه الترمذي (١٠٨٢) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

نسأل الله تعالى أن يصلح بينك وبين أهلك، وأن يؤلف بينكما، ويجمع قلبيكما على طاعته ومرضاته.

والله أعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>