لم يلحقه ضرر بنزول المطر لكنه جاء بالشهود وأخذ التعويض من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بناء على تعويض المتضررين من أمطار عام ١٤٢٦هـ فقد أقدم بعض المواطنين على التالي: ١- طلب تعويض في مزارع لم تتعرض للأضرار حيث إن الأمطار في ذلك العام كانت أمطار خير وبركة ٢- تم تسجيل أعداد من المزارع والمنازل والسيارات بصورة مبالغ فيه جدا قد تصل للعشرات مع أنها لم تتضرر ٣- تقدم بطلب التعويض الآباء والأبناء وكذلك الأحفاد مع أن الأملاك لازالت للآباء ٤- من شروط التعويض وجود شاهدي عدل ومزكيين وقد تمت الشهادة للجميع مع أن الأغلبية تقدم للشهادة وهو لا يعرف أملاك طالب التعويض. نرجو منكم التكرم بالإفتاء في هذه المسألة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تقديم الدولة الإعانة والمساعدة لمن تضرر بنزول المطر أمر تشكر عليه، ولا يجوز استغلاله لأكل المال بالباطل، بل يصرف للجهة المستحقة فقط.
وبناء عليه، فمن لم يصبه ضرر من هذه الأمطار، فلا حق له في هذه الإعانة، ودعواه الضرر مع عدم حصوله كذب محرم، كما لا يخفى، وهذا الكذب علامة من علامات النفاق، كما قال صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) رواه البخاري (٣٣) ومسلم (٥٩) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صدِّيقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّاباً) . رواه البخاري (٥٧٤٣) ومسلم (٢٦٠٧) .
وأكل المال بالباطل محرم كذلك، قال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) البقرة/١٨٨.
وإذا انضاف إلى ذلك شهادة الزور، فهذا أعظم وأعظم.
فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلنا: ليته سكت) رواه البخاري (٥٦٣١) ومسلم (٨٧) .
وليس لأحد أن يشهد على أمر لا يعلمه.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (٢٣/٥٠٦) : " لا يجوز أن يشهد الشخص إلا بما يعلمه برؤية أو سماع، لقوله تعالى: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وقوله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) الآية، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة، قال: (هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع) رواه الخلال " انتهى.
وليس لأحد أن يأمر بشهادة الزور أو يدعو أحدا إليها، وإلا كان شريكا في الإثم، كما أنه ليس لأحد أن يطيعه في ذلك؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ثانياً:
هذا التعويض إنما يصرف لمالك الأرض، وليس لأبنائه أو غيرهم أن يقدموا على تعويض لنفس الأرض التي يملكها أبوهم، وفعل ذلك هو من الكذب والغش وأكل المال بالباطل.
والواجب على كل أحد أن يتقي الله تعالى، وأن يحذر أكل المال الحرام، وأن يعلم أن الاعتداء على المال العام محرم كالاعتداء على المال الخاص بل قد يكون أشد إثما، نسأل الله العافية والسلامة، والتوفيق للجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب