التعليق على كتابات منتشرة في المنتديات من تخيل أمور عكس الواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الشباب والشابات يكتبون في المنتديات المنتشرة مثل " هل تخيلتم كيف تسير الدنيا بالمقلوب؟ أعتقد نعم , لو يتبادل الرجل والمرأة الأدوار , لو كانت طريقة مشينا على الأيدي , لو نشرب الأكل ونأكل الشراب , لكن هل تفكرتم نحن نعيش بالمقلوب؟ ". هل يجوز أن الإنسان يتخيل مثل هذه المواقف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عالَم الإنترنت فيه الخير وفيه الشر، وعلى المسلم أن يتقي الله تعالى في عمره أن يضيع فيما لا نفع له فيه، وأما أن يضيعه فيما يضره: فهو الميت قبل أن تخرج روحه، وهو الخاسر الهالك، فليضنَّ كل واحد منا بوقته، وليبخل به، وما نراه من مشاركات لشباب المسلمين وشاباتهم في كثير من المنتديات هو من اللغو، واللهو، والباطل، فتجد التسويدات والكتابات تحمل الكلام التافه، والموضوع الساقط، مع ما يكتب أحياناً من الكلام المبتذل الذي يدور بين الكتَّاب فيما يُستحيى من ذِكره ونقله، فليحرص كل واحد منا على ما ينفعه، فلا يكتب إلا ما يسرُّه أن يراه أمامه يوم القيامة، وليحذر من خزي يوم العرض على الله.
ثانياً:
الجُمل المذكورة قد يكون القصد منها اللغو والفحش، وقد يكون القصد منها العظة والعبرة، فتخيل سير الدنيا بالمقلوب من أجل الضحك واللعب: لغو لا قيمة له، وتخيل تبادل الرجل والمرأة أدوارهما من أجل تخيل الرجل يلبس لباس المرأة ويضع المساحيق، وغير ذلك، وتخيل المرأة تلبس لباس الرجل، ولها شارب ولحية: كل ذلك من لغو الكلام، وعبث الأقوال، وقل مثل ذلك في المشي بالمقلوب، والأكل والشرب وجعل الأول مكان الثاني والعكس.
وأما القصد الحسن الذي يمكن أن تحمله تلك الجمَل، والذي لا بأس بتخيله، والوقوف معه: فيتمثل بما يلي:
١. لا شك أن المرأة تقوم بأعمال جليلة في بيتها، من الرعاية والعناية بمنزلها، والاهتمام بأولادها، والطبخ، والتنظيف، والغسيل، وكل ذلك يستهلك منها وقتاً وجهداً عظيمين، وغالباً لا يشعر الرجل بعظَم ما تقوم به زوجته من أعمال جليلة وعظيمة وشاقة، فيمكن أن نقول له: تخيل أنك أنت الذي سيقوم بدور زوجتك في بيتها، فهذا قد يدعوه لتخيل الأعمال المرهقة والشاقة التي سيقوم بها، فيقدِّر حينئذٍ زوجته، وتعظم في عينه.
وهكذا نقول للزوجة: تخيلي أنك تقومين بعمل زوجك، فتخرجين من الصباح إلى المساء للقيام بالأعمال، وأنك أنت التي يُطلب منه القيام على البيت بما يلزمه من مال، وأغراض، وأنت التي ستراجعين الدوائر، وتحملين هم الأسرة وطلباتها، فلعلَّ هذا التخيل يجعلها تُخلص في خدمة زوجها، وتحسن عشرته، وتقدِّر ما يمر به من ظروف، وما يحمله من هموم.
٢. وتخيل مشي الإنسان بالمقلوب: يجعله يعرف عظيم حكمة الله تعالى، وعظيم نعمته وأنه مقصِّر أشد التقصير في شكرها، ويمكن أن تكون إشارة إلى هذا الأمر في قوله تعالى: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الملك/ ٢٢.
ويجعله يعلم إتقان صنعة الله، وأنه أحسن كل شيء خلَقَه، وإليه الإشارة في قوله تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) النمل/٨٨، وقوله تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) السجدة/٧.
٣. ومثله يقال في " شرب المأكول وأكل المشروب "، فهو يدل – أيضاً – على ما دلَّ عليه ما قبله.
وهكذا، فإنه يمكن للعقلاء من أصحاب المنتديات والكتَّاب أن يتوصلوا بما سبق ذِكره لمعانٍ عظيمة يغفل عنها كثير من الناس، كما يمكن للبعض أن يجعلوها مجالاً للسخرية واللغو، وإننا لنربأ بمن أنعم الله عليه بنِعم جليلة أن يقابلها بهذا الثاني.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب