حكم إدخال الخادمات غير المسلمات لمكة في موسم الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إدخال غير المسلمين إلى مكة المكرمة كالخادمات لفترة الحج أو العمرة، بحجة أن الشخص لا يجد لها مكاناً يبقيها فيه خلال فترة غيابه عن بلده؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اتخاذ خادمات في البيوت له مفاسد لم تعد تخفى على أحد، وكم تسبب وجود الخادمات في كثير من المشكلات في بيوت المسلمين، ووقع كثيرون في المعاصي الصغيرة والكبيرة بسبب ذلك، فمنهن من يستعملن السحر لتثبيت وجودها في المنزل، أو لكف الأذى عنها، ومنهن من توقع صاحب المنزل أو أبناءه في غرامها، وتُفعل الفواحش في تلك البيوت، ومنهن من تتسبب بالأذى والضرر للأطفال الصغار سواء في بدنه أو في دينه، وهكذا في مفاسد يصعب حصرها.
ويرجى النظر في جواب السؤال رقم (٢٦٢٨٢) ففيه زيادة بيان حول مفاسد إحضار الخادمات، وشروط جواز ذلك.
ثانياً:
إذا كانت الأسرة مضطرة لوجود خادمة في البيت، بسبب كثرة الأعمال البيتية، وبشرط الالتزام بالشروط الشرعية: فإنه يجوز لصاحب البيت إحضار خادمة للعمل، ويُفضَّل أن تكون مسلمة؛ لما في اتخاذها كافرة من مخاطر كبيرة على الأسرة.
ولينظر جواب السؤال رقم (٣١٢٤٢) ففيه شروط استخدام خادم غير مسلم.
وأما إن كانت الأسرة تعيش في " الجزيرة العربية " فإنه لا يجوز لهم إحضار الخادمات الكافرات للعمل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب.
فعن عُمَر بْن الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِماً) رواه مسلم (١٧٦٧) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ منها: (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) رواه البخاري (٢٨٨٨) ومسلم (١٦٣٧) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (١ ٠٤٨٠٦) .
ثالثاً:
أما جلب الخادمات الكافرات وغيرهن من الكفار إلى الحرم: فلا يجوز سواء للعمرة أو للحج أو لغيرهما، وهذا وجه آخر في المنع من دخولهم الحرم، فهو من جهة داخل قطعاً في " جزيرة العرب " التي نص النبي صلى الله عليه وسلم على تحريم دخولهم فيها، وكذلك من وجه آخر أنه قد وردت النصوص بتخصيص الحرم من منع دخولهم فيه، وهو المعمول به منذ أزمان بعيدة بفضل الله تعالى وتوفيقه.
ومعنى هذا أنه من كان لوجوده في جزيرة العرب من الكفار مصلحة للمسلمين، أو كان أحدٌ قد تساهل في جلب الكفار لها: فإنه لا يجوز التعدي على الشرع من الجهة الأخرى بإدخالهم إلى حدود الحرم.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) التوبة/٢٨.
والمسجد الحرام هنا هو: الحرم كله.
قال النووي رحمه الله:
والمراد بالمسجد الحرام ها هنا: الحرم كله، فلا يمكَّن مشرك من دخول الحرم بحال، حتى لو جاء في رسالة أو أمر مهم لا يمكَّن من الدخول، بل يُخرج إليه من يقضى الأمر المتعلق به، ولو دخل خفية ومرض ومات: نبش وأخرج من الحرم.
" شرح مسلم " (٩ / ١١٦) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بالنسبة لحكم استصحاب الخادمة الكافرة وإدخالها إلى الحرم؟ .
فأجاب:
أجبني: كيف يذهب بامرأة كافرة إلى المسجد الحرام والله عز وجل يقول: (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) التوبة/٢٨؟ لا، هذا حرام عليه، وإذا قدِّر أنه اضطر إلى هذا يقول لها: أسلمي، فإن أسلمت: فهذا المطلوب، وإن لم تسلم: إما أن يبقى معها، وإما أن يرسلها إلى أهلها، وأما أن يأتي بها إلى مكة: فهذا لا يجوز، أولاً: معصية لله عز وجل، ثانياً: امتهان للحرم.
السائل:
هو يا شيخ من غير هذه البلاد، وجاء بها، وعندما سأل عن الحكم وقيل له: لا يجوز، هل يرجع هو وإياها؟ .
الشيخ:
نعم، يرجع هو وإياها، أو يردها إلى بلدها.
" لقاءات الباب المفتوح " (١٩٦ / السؤال رقم ١٨) .
والخلاصة:
أن جلب الخادمات وعملهن في بيوت المسلمين فيه محاذير ومخالفات شرعية كثيرة، وتزداد هذه المحاذير إذا كانت الخادمة غير مسلمة، وأنه لا يجوز جلب الخادمات الكافرات إلى جزيرة العرب، ولا دخولهن حدود الحرم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب