متعجب من طول آدم عليه السلام
[السُّؤَالُ]
ـ[في صحيح البخاري، حديث رقم ٢٤٦ ذكر رسول الله بأن آدم خُلق وطوله ٣٠ متراً، أنا لا أستطيع أن أفهم هذا أو أتخيله، فأرجو أن تشرح لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لفظ هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا، ثم قال: اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال السلام عليكم فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله. فزادوه: ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن) . رواه البخاري (٣٣٣٦) ومسلم (٧٠٩٢) .
وفي لفظ مسلم: (فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعاً فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن) .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن) .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٦/٣٦٧) : (أي أن كل قرن يكون نشأته في الطول أقصر من القرن الذي قبله، فانتهى تناقص الطول إلى هذه الأمة واستقر الأمر على ذلك) أ. هـ.
وعلى المسلم أن يؤمن بكل خبر جاء به الدليل من كتاب الله والسنة الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: (آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله) انظر الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد ص (٨٩) .
فالمؤمن يجب عليه أن يؤمن إيماناً جازماً بكل ما أخبر به الله جل جلاله، وبكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم إذا ثبتت صحته إليه صلى الله عليه وسلم، إيماناً جازماً لا يعتريه أدنى شك ويجب عليه أن يقبله جملة وتفصيلاً سواء فهمه أو لم يفهمه، أو استغربه أم لم يستغربه؛ لأن عدم استيعابه للأمر الصادق المجزوم بصحته وثبوته لا يعني عدم ثبوت هذا الأمر، ولكن القضية أن عقله لم يستطع أن يستوعب ذلك الأمر ويفهمه، والمولى سبحانه وتعالى أمرنا أن نؤمن بكل ما أخبر عنه سبحانه أو أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) الحجرات / ١٥.
ومن جملة الإيمان الإيمان بالغيب، وهذا الحديث الذي بين أيدينا من هذا القبيل، ولقد أثنى الله جل جلاله على الذين يؤمنون بالغيب فقال تعالى: (آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ... ) البقرة / ١-٣.
واعلم أخي الكريم أن الله على كل شيء قدير فكما خلق الإنسان في صورته التي هو عليها الآن قادر على أن يخلقه في صورة أكبر من ذلك أو أصغر.
وإذا أشكل عليك هذا الأمر فاعتبر ذلك بهؤلاء الأقزام الذين نراهم وهم رجال في حجم الأطفال فإذا كان ذلك واقعاً فما الذي يمنع من العكس وهو أن يكون رجلاً وطوله ستون ذراعاً، وقد وجد في التاريخ البشري عماليق كما يقول ذلك علماء الآثار والحفريات.
وأصل المسألة هو التسليم لكمال قدرة الله تعالى والتسليم لخبره وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، ونقول كما قال الراسخون في العلم: (آمنا به كل من عند ربنا) آل عمران / ٧
نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب