الذكر المشروع عند لبس الثوب الجديد أو القديم
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو عند لبس الثياب، فهل يدعو الشخص عند كل قطعة يلبسها أم يكفيه الدعاء مرة واحدة للملبوس كافة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأحاديث الواردة في الذكر المستحب عند لبس الثوب على نوعين:
النوع الأول: أحاديث تخصص الذكر المستحب عند لبس الثوب الجديد:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال:
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ، إِمَّا قَمِيصًا أَوْ عِمَامَةً، ثُمَّ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ)
رواه أبو داود (رقم/٤٠٢٣) وصححه ابن القيم في "زاد المعاد" (٢/٣٤٥) ، والألباني في " صحيح أبي داود ".
النوع الثاني: أحاديث مطلقة، لم تقيد استحباب الذكر عند لبس الثوب " الجديد " فقط، بل عند لبس أي ثوب:
عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ)
رواه أبو داود (رقم/٤٠٢٣) ، صححه ابن حجر في " الخصال المكفرة " (٧٤) ، والألباني في " صحيح أبي داود " دون لفظة: (وما تأخر) . وقد بوب البيهقي على الحديث في " شعب الإيمان " (٨ / ٣٠٧) بقوله: " فصل فيما يقول إذا لبس ثوبا " انتهى. هكذا مطلقا من غير تقييد بالجديد.
هذا وفي بعض الكتب التي تنقل الحديث إضافة قيد (ثوبا جديدا) والغالب أنها زيادة ليست من أصل هذا الحديث، فقد تم الرجوع إلى أكثر الكتب الأصلية التي أخرجته فلم يُذكر فيها هذا القيد.
ثانيا:
وبناء على هذا التنوع في الأحاديث فرق العلماء بين هذين الذكرين، فجعلوا الذكر الأول:
(اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ) عند لبس الثوب الجديد.
وجعلوا الذكر الثاني: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ) عند لبس أي ثوب، سواء كان قديما أم جديدا.
هذا ظاهر صنيع الإمام النووي رحمه الله في " الأذكار " (ص/٢٠-٢١) .
وصرح بذلك في موطن آخر، فقال رحمه الله:
" السنة ... أن يقول إذا لبس ثوبا ... الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة. وإذا لبس جديدا قال: اللهم أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له " انتهى.
" المجموع " (٤/٦٤٧) .
وبه أخذت بعض كتب الأذكار المعاصرة اليوم، ككتاب " حصن المسلم ".
وإن كان ظاهر صنيع بعض أهل العلم أن استحباب هذه الأذكار إنما يكون عند لبس الثياب الجديدة فقط.
ينظر: " سنن الدارمي" (٢/٣٧٨) ، ونحوه في " الوابل الصيب " (٢٢٦) ، حيث قال:
"فصل في الذكر الذي يقوله أو يقال له إذا لبس ثوبا جديدا " وأيضا " كشاف القناع" (١/٢٨٨) .
وأما السؤال عن تكرار هذا الذكر مع تعدد قطع الملابس التي يلبسها، فالأمر واسع إن شاء الله، وإن كان الأظهر ـ فيما يبدو لنا ـ أنه يقال مرة واحدة للملابس كلها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب