للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زواج المتعة والزواج العرفي

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا أريد أن أتزوج من بنت مسلمة، ولكن بعد ثلاثة أعوام، ولا أريد في أن أرتكب الخطأ معها، فأردت أن أتزوجها عرفيًّا، أو زاوج متعة حتى أستطيع الزواج بها فيما بعد على الطريقة الشرعية، فماذا عليَّ أن أفعل عندما أريد زاوجها شرعيّاً من بعد هذا الزواج؛ لأني أخاف الله، ولا أريد الوقوع في الخطأ، فهذه هي أفضل وأحل طريقة، والله أعلم، فماذا أفعل؟.]ـ

[الْجَوَابُ]

الحمد لله

لم يكن السؤال واضحاً، وقد احتمل كلام الأخ السائل أكثر من شيء فيما يتعلق بنيته في العقد الذي يسأل عن حكمه، فهو يقول مرة إنه " زواج عرفي " وأخرى يقول إنه " متعة "، فإذا عُلم أن " الزواج العرفي " له صورتان مشهورتان: احتمل السؤال ثلاث صور، وسنجيب على احتمالات السؤال كلها.

أما زواج المتعة: فهو التزوج على مدة معينة بمعرفة الطرفين، بمهر مقدَّر، وينفسخ العقد بانتهاء المدة.

وهو عقد محرَّم، ولا يصحّ وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (١٣٧٣) و (٢٣٧٧) و (٦٥٩٥) .

وأما " الزواج العرفي " فله صورتان:

الصورة الأولى: تزوج المرأة في السر، ودون موافقة وليها، وإذا كان كذلك: فهو عقد محرّم ولا يصح أيضاً؛ لأن موافقة الولي من شروط صحة عقد النكاح.

وفي جواب السؤال: (٢١٢٧) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه، وشروط الولي، وفي جواب السؤال: (٧٩٨٩) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح.

والصورة الثانية: التزوج بموافقة المرأة ووليها، لكن دون إعلان أو إشهار، أو دون توثيقه في المحاكم الشرعية أو النظامية، بشرط الإشهاد عليه، وإذا كان كذلك: فهو عقد صحيح من حيث شروطه وأركانه، لكنه مخالف للأمر الشرعي بوجوب الإعلان، ويترتب على عدم توثيقه ضياع لحقوق الزوجة من حيث المهر والميراث، وقد يحصل حمل وإنجاب فكيف سيثبت هذا الولد في الأوراق الرسمية؟ وكيف ستدفع المرأة عن عِرْضها أمام الناس؟ .

هذا مع العلم أنه قد قال بعض الفقهاء بأن إعلان النكاح من شروط صحته، وهو قول ليس بعيداً عن الصواب، وقد عللوا ذلك بكون الإعلان يُعلم به الفرق بين النكاح والسفاح، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " فصْل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح " رواه الترمذي (١٠٨٨) والنسائي (٣٣٦٩) وابن ماجه (١٨٩٦) . وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (١٩٩٤) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فالذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإعلان: يصح , وإن لم يشهد شاهدان، وأما مع الكتمان والإشهاد: فهذا مما ينظر فيه، وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان: فهذا الذي لا نزاع في صحته، وإن خلا عن الإشهاد والإعلان: فهو باطل عند العامة، فإن قدِّر فيه خلاف فهو قليل. اهـ.

" الفتاوى الكبرى " (٣ / ١٩١) .

وقال ابن القيم:

إن الشارع اشترط للنكاح أربعة شروط زائدة عن العقد تقطع عنه شبهة السفاح: كالإعلان، والولي، ومنع المرأة أن تليه بنفسها، وندب إلى إظهاره حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة؛ لأن في الإخلال بذلك ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، وزوال بعض مقاصده من جحد الفراش. اهـ. " إعلام الموقعين " (٣ / ١١٣) .

يعني أنه إذا كان النكاح سراً فيمكن أن تحمل المرأة وتلد ثم يُنكر الرجل نسبة هذا الولد إليه لأنه ليس هناك ما يُثبت أن هذه المرأة زوجته، فلو تمّ الإشهاد والإعلان انتفى هذا المحذور.

والله اعلم.

[الْمَصْدَرُ]

الإسلام سؤال وجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>